- أن يأخذ كل امرئٍ حـظه من سُفرة الرحمن الرحيم، فـي دار السعادة والخلود، ويحسّ بما فيهـا على وفـق استعداداته - رغم كونه مع مَن يحب. فالجنان لا تمنع ان يكونا معاً بالرغـم من تفاوتها، لأن طبقات الجنة الثماني، كل منها أعلى من الأخرى، الا ان عرش الرحمن سقف الكل(1). اذ لو بنيت بيوت متداخلة حول جبل مخروطي، كل منها أعلى من الآخر، كالدوائر المحيطة بالجبل، فان تلك الدوائر تعلو الواحدة على الأخرى، ولكن لا تمنع الواحدة الأخرى عن رؤية الشمس، فنور الشمس ينفـذ في البيوت كلها. كذلك الجنان شبيهة بهذا المثال الى حدٍ، كما تفهم من الأحاديث الشريفة.
سؤال: ورد في أحاديث شريفة ما معناه: ان المرأة من نساء أهل الجنة يُرى مخ سوقها من وراء سبعين حلّة(1)، ما معنى هذا وما المراد منه؟ وكيف يعد هذا جمالاً؟
الجواب: ان معناه جميل جداً، بل جماله في منتهى الحسن واللطف. وذلك:
في هذه الدنيا القبيحة الميتة التي أغلبها قشر، يكفي للجمال والحسن أن يبدو جميلاً للبصر، ولا يكون مانعاً للألفة. بينما في الجنة التي هي جميلة وحيّة ورائعة وكلها لبّ محض لا قشر فيها تطلب حواسُ الانسان كلها - كالبصر ـ ولطائفه كلها، أخذ حظوظ أذواقها المختلفة، ولذائذها المتباينة من الجنس اللطيف، وهن الحور العين، ومن نساء الدنيا لأهل الجنة، وهن يفضلن الحور العين بجمالهن، بمعنى ان الحديث الشريف
(1) ((الجنة مائة درجة، ما بين كل درجتين كما بين السماء والارض، والفردوس أعلى الجنة واوسطها، وفوقه عرش الرحمن..)) الحديث صحيح: رواه ابن ماجه عن معاذ والحاكم عن عبادة بن الصامت وعن أبي هريرة، وابن عساكر عن ابي عبيدة الجراح، رضي الله عنهم. (صحيح الجامع الصغير وزيادته 3116) قال المحقق: صحيح وانظر الاحاديث 3423، 4120 من المصدر نفسه، وفي سلسلة الاحاديث الصحيحة 919 يشير الى حديث: سقف الجنة عرش الرحمن. - المترجم.
(1) احاديث كثيرة في الباب، منها: ((.. لكل واحد منهم زوجتان من الحور العين على كل زوجة سبعون حلة يرى مخ سوقهما من وراء لحومهما وحللهما، كما يرى الشراب الاحمر من الزجاجة البيضاء)) رواه الطبراني باسناد صحيح والبيهقي باسناد حسن عن عبدالله بن مسعود ورواه البخاري ومسلم عن ابي هريرة بنحوه. - المترجم.