المختلفة، اذ تكبر وتظهر كلما تقدمت، بعكس القشر والصورة فانها تتهرأ وتهزل وتتمزق وتتجدد لتظهر بحلّة جميلة جديدة تلائم قوام الحقيقة الثابتة النامية الكبيرة.
فالحقيقة والصورة تتناسبان اذن عكسياً زيادةً ونقصاناً. أي كلما اخشوشنت الصورة رقّت الحقيقة، وكلما ضعفت الصورة تقوت الحقيقة بالنسبة نفسها. وهذا قانون شامل لجميع الأشياء الداخلة في قانون التكامل. فليأتينّ ذلك الزمن الذي يتمزق فيه - بإذن الفاطر الجليل - عالم الشهادة الذي هو صورة لحقيقة الكائنات العظمى وقشر لها، ومن ثم يتجدد بصورة أجمل، وعندئذ تتحقق حكمة الآية الكريمة:
﴿يَومَ تُبَدَّلُ الأرضُ غيرَ الأرض... ﴾( ابراهيم:48).
نخلص مما سبق: ان موت الدنيا وخرابها ممكن، ولا شك فيه مطلقاً.
المسألة الثانية: وقوع موت الدنيا فعلاً والدليل على هذه المسألة: اجماع جميع الأديان السماوية، وشهادة كل فطرة سليمة، وما يشير اليه تبدلات هذه الكائنات وتحولاتها وتغيراتها. وموت عوالم ذات حياة وسيارات - وهي بعدد العصور والسنين - في دار ضيافة الدنيا هذه.. كل ذلك اشارات ودلالات على موت دنيانا نفسها.
وان شئت أن تتصور سكرات الدنيا، كما تشير اليها الآيات الكريمة، فتأمل في أجزاء هذا الكون التي هي مرتبطة بعضها بالبعض الآخر بنظام علوي دقيق، ومتماسكة برابطة لطيفة خفية رقيقة، فهي محكمة النظام بحيث أن جرماً واحداً إن تسلَّم أمر (كُن) أو (أخرجْ من محورك) فالعالم كلّه يعاني السكرات، فتتصادم النجوم وتتلاطم الأجرام وتدوي وترعد بأصداء ملايين المدافع، وترمي بشرر كأرضنا هذه بل أكبر منها في الفضاء الواسع وتتطاير الجبال وتسجّر البحار.. فتستوي الأرض. وهكذا يرجّ القادر الأزلي ويحرك الكون بهذا الموات، ويمزجه بهذه السكرات فتتمخض الخلقة كلها