الكلمات | الكلمة التاسعة والعشرون | 730
(688-734)

وتتميز الكائنات بعضها عن بعض.. فتمتاز جهنم وتسعّر بعشيرتها ومادتها. وتتجلى الجنة وتزلف جامعة لطائفها مستمدة من عناصرها الملائمة لها.. ويبرز عالم الآخرة للوجود الأبدي.
المسألة الثالثة: امكان بعث العالم الذي سيموت، فكما اثبتنا آنفاً في الأساس الثاني انه لا نقص مطلقاً في القدرة الإلهية، وان المبرّر قويّ جداً للآخرة، وان المسألة بحدّ ذاتها من الممكنات. فاذا كان للمسألة الممكنة مبررٌ قوي، وان الفاعل قادر مقتدر مطلق القدرة، فلا ينظر اليها بأنها في حدود الأمكان، وانما هي أمرٌ واقع.
 نكتة رمزية
اذا نظرنا بتدبر وامعان الى هذا الكون، نلاحظ ان فيه عنصرين ممتدين الى جميع الجهات بجذور متشعبة؛ كالخير والشر، والحُسن والقبح، والنفع والضرّ، والكمال والنقص، والضياء والظلمة، والهداية والضلال، والنور والنار، والايمان والكفر، والطاعة والعصيان، والخوف والمحبة... فتصطدم هذه الأضداد بعضها بالبعض الآخر بنتائجها وآثارها مظهرة التغيرات والتبدلات باستمرار وكأنما تستعد وتتهيّأ لعالم آخر. فلابدّ ان نتائج ونهايات هذين العنصرين المتضادين سوف تصل الى الأبد وتتميز فيفترق بعضها عن بعض هناك. وعندئذ تظهر على شكل جنة ونار.. ولما كان عالم البقاء سيبنى من عالم الفناء هذا، فالعناصر الأساسية لعالمنا اذن ستساق وترسل حتماً الى البقاء والأبد.
نعم، ان النار والجنة هما ثمرتا الغصن المتدلي الممتد الى الأبد من شجرة الخليقة، وهما نتيجتا سلسلة الكائنات هذه، وهما مخزنا سيل الشؤون الإلهية، وهما حوضا أمواج الموجودات المتلاطمة الجارية الى الأبد، وهما تجلّيان من تجليات اللطف والقهر.
فعندما ترجّ يد القدرة وتمخض بحركة عنيفة هذا الكون، يمتلئ الحوضان بما يناسب كلاً منهما من مواد وعناصر..

لايوجد صوت