الكلمات | الكلمة الثلاثون | 738
(735-771)

يتصور في نفسه ربوبيةً موهومة، ومالكيةً مفترضة وقدرة وعلماً، فيحدّ حدوداً معينة، ويضع بها حداً موهوماً لصفاتٍ محيطة واسماء مطلقة فيقول مثلاً: من هنا الى هناك لي، ومن بعده يعود الى تلك الصفات. أي: يضع نوعاً من تقسيم الامور، ويستعد بهذا الى فهم ماهية تلك الصفات غير المحدودة شيئاً فشيئاً، وذلك بما لديه من موازين صغيرة ومقاييس بسيطة.
فمثلاً: يفهم بربوبيته الموهومة التي يتصورها في دائرة مُلكه، ربوبيةَ خالقه المطلقة سبحانه وتعالى في دائرة الممكنات.
ويدرك بمالكيته الظاهرية، مالكيةَ خالقه الحقيقية، فيقول: كما انني مالك لهذا البيت فالخالق سبحانه كذلك مالك لهذا الكون.
ويعلم بعلمه الجزئي، علمَ الله المطلق.
ويعرف بمهارته المكتسبة الجزئية، بدائعَ الصانع الجليل، فيقول مثلاً: كما انني شيدتُ هذه الدار ونظّمتها، كذلك لابد من منشئ لدار الدنيا ومنظّم لها.
وهكذا.. فقد اندرجت في (أنا) آلاف الاحوال والصفات والمشاعر المنطوية على آلاف الاسرار المغلقة التي تستطيع ان تدل وتبيّن ـ الى حدٍ ما ـ الصفات الإلهية وشؤونها الحكيمة كلها.
أي أن (أنا) لايحمل في ذاته معنىً، بل يدل على معنىً في غيره ؛ كالمرآة العاكسة، والوحدة القياسية، وآلة الانكشاف، والمعنى الحرفي فهو شعرةٌ حساسة من حبل وجود الانسان الجسيم وهو خيط رفيع من نسيج ثوب ماهية البشر.. وهو حرف (ألفٍ) في كتاب شخصية بنى آدم، بحيث ان ذلك الحرف له وجهان:
وجه متوجه الى الخير والوجود؛ فهو في هذا الوجه يتلقى الفيض ويقبله فحسب، أي يقبل الإفاضة عليه فقط؛ اذ هو عاجز عن ايجاد شئ في هذا الوجه، أي: ليس فاعلاً فيه، لأن يده قصيرة لا تملك قدرة الايجاد.
والوجه الآخر متوجه الى الشر، ويُفضي الى العدم؛ فهو في هذا

لايوجد صوت