الكلمات | الكلمة الثلاثون | 764
(735-771)

ادنى شك هو رزّاق كريم، خلاق رحيم ، تتساوى امام قدرته النجومُ والذرات.
ثم ان كل ذرة من الذرات تقوم بعمل صورة بديعة ونقش رائع في المخلوق بحيث:
إما انها في موقع حاكم مسيطر على كل ذرة من الذرات وعلى مجموعها، ومحكومة في الوقت نفسه تحت أمر كل ذرة من الذرات وأمر مجموعها، وانها تعرف معرفة كاملة، بالصورة البديعة المحيرة للالباب والنقش الرائع الملئ بالحكمة، فتوجدها! وهذا محال بألف محال.. أو أنها نقطة مأمورة بالحركة نابعة من قلم قدرة الله سبحانه وقانون قَدَره.
فمثلاً: أن الاحجار الموجودة في قبة (ايا صوفيا) ان لم تكن مطيعة لأمر بنّائها، ينبغي ان يكون كل حجر منها ماهراً في صنعة البناء كالمعماري سنان(1) نفسه، ويكون حاكماً على الاحجار الاخرى ومحكوماً بأمرها في الوقت نفسه، اي يمكنه ان يحكم الاحجار الاخرى فيقول لها: (هيا ايتها الاحجار لنتحد حتى نحول دون سقوطنا)! وكذلك الامر في الذرات الموجودة في المخلوقات، التي هي اكثر ابداعاً، واكثر اتقاناً واكثر روعة واكثر اثارة للاعجاب، واكثر حكمة من قبة ايا صوفيا بالاف المرات، إن لم تكن هذه الذرات منقادة لأمر الخالق العظيم، خالق الكون، فينبغي اذاً ان تعطى لكلٍ منها اوصاف الكمال التي لا تليق إلاّ باللّه سبحانه.
فيا سبحان الله ! وياللعجب! ان الماديين الزنادقة الكفرة لما انكروا الله الواجب الوجود، اضـطروا حسب مذهبهم للاعتقاد بآلهة باطلة بعدد الذرات. ومن هذه الجهة ترى أن الكافر المنكر لوجود الله سبحانه وتعالى مهما كان فيلسوفاً وعالماً فهو في جهل عظيم، وهو جاهل جهلاً مطلقاً. 
(1) اكبر مهندس معماري تركي (1489 ــ 1578) اشرف على بناء جوامع كثيرة اهمها: سليمية، سليمانية، شهزادة. ــ المترجم.

لايوجد صوت