لذا، فمن مقتضى الحكمة الالهية، ادراج هذه الذرات الارضية الجامدة، وغير الشاعرة، والتي انجزت وظائف جليلة في الارض في قسم من ابنية الآخرة التي هي حية وذات شعور بكل ما فيها، باحجارها واشجارها بدلالة الآية الكريمة ﴿يوم تبدل الارض غير الارض﴾(ابراهيم:48) وباشارة الآية الكريمة ﴿وان الدار الاخرة لهي الحيوان﴾(العنكبوت:64) ولأن ترك ذرات الدنيا المتهدمة في الدنيا نفسها، أو رميها الى العدم اسراف وعبث.
من هذه الحقيقة ينكشف طرفٌ من قانون عظيم هو: (قانون الحكمة).
ثم ان كثيراً جداًَ من آثار هذه الدنيا ومعنوياتها وثمراتها، ومنسوجات اعمال المكلفين ـ كالجن والانس ـ وصحائف افعالهم، وارواحهم، واجسادهم، تُرسل الى سوق الآخرة ومعرضها. فمن مقتضى العدل والحكمة ان تُرسل ايضاً الذرات الارضية التي رافقت تلك الثمرات والمعاني وخَدَمَتها مع انقاض هذه الدنيا التي ستدمّر الى العالم الاخروي وتستعمل في بنائه. وذلك بعد تكاملها تكاملاً يخصّها من حيث الوظيفة، اي بعد أن نالت نور الحياة كثيراً وخدمَتها، واصبحت وسيلة لتسبيحات حياتية.
من هذه الحقيقة ينكشف طرف من قانون عظيم هو : (قانون العدل).
ثم ان الروح مثلما انها مهيمنة على الجسم، فالاوامر التكوينية للمواد الجامدة التي كتبها القدر الالهي، لها سلطان ايضاً على تلك المواد. فتتخذ تلك المواد مواقعها، وتسير بنظام معين وفق ما تمليه الكتابة المعنوية للقدر الالهي.
فمثلاً: في انواع البيض، واقسام النطف، واصناف النوى، واجناس البذور، تنال المواد انواراً مختلفة، مقامات متباينة، حسب تباين الاوامر التكوينية التي سطّرها القدر الالهي بانماط متنوعة واشكال متغايرة؛ اذ إن تلك المواد ـ من حيث هي مادة ـ في ماهية