رابعها: ما ثمـرات المعراج وفوائده؟
الاساس الاول
سرّ لزوم المعراج وحكمة ضرورته
يقال مثلاً:
ان الله سبحانه وتعالى وهو المنزّه عن الجسم والمكان أقرب الى كل شئٍ من كل شئ، كما تنص عليه الآية الكريمة: ﴿ونحنُ أقربُ اليهِ من حَبلِ الوَريدِ﴾(ق: 16) حتى يستطيع كل ولي من أولياء الله الصالحين ان يقابل ربَّه ويناجيه في قلبه.
فلِمَ يوفّق كل ولي الى مناجاته سبحانه في قلبه بينما الولاية الاحمدية تُوفّق اليها بعد سير مديد وسياحة طويلة بالمعراج؟
الجواب: نقرب هذا السر الغامض الى الفهم بذكر مثالين اثنين، فاستمع اليهما، وهما مذكوران في الكلمة الثانية عشرة لدى بيان سر اعجاز القرآن وحكمة المعراج.
المثال الاول:
ان للسلطان نوعين من المكالمة والمقابلة، وطرازين من الخطاب والكلام والتكريم والالتفات.
الاول: مكالمة خاصة بوساطة هاتف خاص، مع احد رعاياه من العوام، في امرٍ جزئي يعود الى حاجة خاصة له.
والاخر: مكالمة باسم السلطنة العظمى وبعنوان الخلافة الكبرى، وبصفة الحاكمية العامة؛ بأمرٍ رفيع كريم يُظهر عظمته ويبين هيبته، يقصد منها نشر أوامره السلطانية في الآفاق. فهي مكالمة تجري مع أحد مبعوثيه ممن له علاقة مع تلك الامور، أو مع احد كبار موظفيه ممن له علاقة مع تلك الاوامر.
وهكذا بمثل هذا المثال (ولله المثل الاعلى) فان خلاق الكون ومالك الملك والملكوت، والحاكم الأزلي المطلق، له طرازان من المكالمة والالتفات والتكريم: