وهكذا يظهر تجلي ذات الله الأحد الصمد جل جلاله، وهو نور السموات والارض وسلطان الازل الأبد على الماهية الانسانية بصورتين، تتضمنان مراتب لا حد لها.
الصورة الاولى: ظهور في مرآة القلب برباط رباني وانتساب اليه، بحيث أن لكل انسان حظوة مع ذلك النور الأزلي، وله محاورة ومناجاة معه، سواءٍ كانت جزئية أم كلية، حسب استعداده ووفق تجليات الاسماء والصفات، وذلك في سيره وسلوكه لدى طيّه المراتب. فدرجات الغالبية العظمى للولايات السائرة في ظلال الأسماء الحسنى والصفات الجليلة ومراتبها نابعةٌ من هذا القسم.
الصورة الثانية: تجلٍ لله سبحانه لأسمى فرد في نوع البشر وافضلهم طراً، تجلياً بذاته جلّ وعلا وبأعظم مرتبة من مراتب اسمائه الحسنى؛ لكون الأنسان قادراً على اظهار تجليات الاسماء الحسنى المتظاهرة في الوجود كافة دفعةً واحدة في مرآة روحه، اذ هو أنور ثمرات شجرة الكائنات واجمعها من حيث الصفات والاستعدادات.
إن هذا التجلي هو سر المعراج الاحمدي، بحيث تكون ولايتُه مبدأ لرسالته. الولاية التي تسير في الظل وتمضي فيه - كالرجل الاول في المثال الثاني - بينما لاظل في الرسالة، بل تتوجه الى أحدية الذات الجليلة مباشرة، كالرجل الثاني في المثال الثاني.
اما المعراج فلأنه كرامة كبرى للولاية الأحمدية ومرتبتها العليا، فقد ارتقت وانقلبت الى مرتبة الرسالة.
فباطن المعراج ولاية؛ اذ قد عرج من الخلق الى الحق سبحانه وتعالى.
وظاهر المعراج رسالة؛ اذ يأتي من الحق سبحانه وتعالى الى الخلق اجمعين.
فالولاية سلوك في مراتب القرب الى الله، وهي بحاجة الى زمانٍ والى طيّ مراتب كثيرة.