الكلمات | الكلمة الحادية والثلاثون | 780
(772-812)

دوائر تلك السلطنة وفي مراتب طبقات الحكومة؛ اي يمكن ان يكون له الف عرش وعرش من العروش المتداخل بعضها في بعض حتى كأن ذلك الحاكم موجود وحاضر في كل دائرة من دوائر دولته.. ويعلم ما يجري فيها بشخصيته المعنوية، وهاتفه الخاص. ويُشاهَد ويَشْهَد في كل طبقة من الطبقات بقانونه ونظامه وبممثليه.. ويراقب ويدير من وراء الحجاب كلَّ مرتبة من المراتب بحكمته وبعلمه وبقوته.. فلكل دائرة مركزٌ يخصّها وموقعٌ خاص بها، أحكامُه مختلفة، طبقاتُه متغايرة.
فمثل هذا السلطان يُسَيّرُ مَنْ يريده ويختاره في جولةٍ واسعة يجوب فيها جميع دوائر تلك السلطنة مُشْهِداً إياه هيبةَ دولته وعظمة سلطانه في كل دائرة منها، مُطْلِعاً إياه على أوامره الحكيمة التي تخص كل دائرة، سائراً به من دائرةٍ الى دائرة من طبقةٍ الى طبقة، حتي يُبْلغه مقامَ حضوره، ومن بعد ذلك يُرسِله مبعوثاً الى الناس، مُودِعاً إياه بعض اوامره الكلية العامة المتعلقة بجميع تلك الدوائر.
وهكذا ننظر بمنظار هذا المثال فنقول:
إن رب العالمين وهو سلطان الأزل والابد له ضمن مراتب ربوبيته شؤون وعناوين مختلفة، لكن يتناظر بعضها مع بعض.. وله ضمن دوائر الوهيته علامات واسماء متغايرة، لكن يُشاهد بعضها في بعضٍ.. وله ضمن اجراءاته العظيمة تجليات وجلوات متباينة، لكن يشابه بعضها بعضاً.. وله ضمن تصرفات قدرته عناوين متنوعة، لكن يُشعر بعضها ببعض.. وله ضمن تجليات صفاته مظاهر مقدسة متفاوته، لكن يُظهر بعضُها بعضاً.. وله ضمن تجليات افعاله تصرفات متباينة، لكن تكمّل الواحدة الاخرى.. وله ضمن صنعته ومصنوعاته ربوبية مهيبة متغايرة، لكن تلحظ احداها الاخرى.
فبناءً على هذا السر العظيم، فقد نظّم سبحانه الكون وفق ترتيب مُذهل يبعث على الحيرة والأعجاب؛ اذ من الذرات التي تُعَدُّ اصغر طبقات المخلوقات الى السموات.. ومن اُولى طبقاتها الى العرش الاعظم، سمواتٌ مبنيّةٌ بعضها فوق بعض، كلُّ سماء هي في حكم

لايوجد صوت