ثـم اذا اصبح رئيساً للعرفاء يرى نموذج القيادة العامة وجلوتها في دائرة الملازم. فلها كرسي خاص في ذلك المقام.. وهكذا يُرى عنوان تلك القيادة العظمى في كل دائرة من دوائر النقيب والرائد والفريق والمشير حسب سعة الدائرة وضيقها.
والآن اذا أراد ذلك القائد الاعظم اناطة وظيفة تتعلق بجميع الدوائر العسكرية بجندي فرد، واراد ترقيته الى مقام رفيع يشاهَد من قبل كل تلك الدوائر ويشهَدها جميعاً، كأنه الناظر والمشرف عليها، فانه - اي القائد الأعظم - سيُسلك بلا شك ذلك الجندي الفرد ويسيّره ضمن تلك الدوائر كلها ابتداءً من دائرة العريف وانتهاء الى دائرته العظمى، دائرة فدائرة، كي يشهَدها ويشاهَد منها. ثم يقبله في مقام حضوره ويشرّفه بكلامه ويُكرمه بأوامره وأوسمته ثم يرسله الى حيث جاء منه في آنٍ واحد وفي اللحظة نفسها.
ينبغي ان نلفت النظر الى نقطة في هذا المثال وهي: إن لم يكن السلطان عاجزاً، له مقدرة روحية معنوية كما له قوة ظاهرة، فانه لا يوكل اشخاصاً امثال الفريق والمشير والملازم، وانما يحضر بذاته في كل مكان، فيصدر الأوامر بنفسه مباشرة متستراً ببعض الأستار ومن وراء أشخاص ذوي مقام، كما يروى ان سلاطين كانوا أولياء كاملين - قد نفّذوا أوامرهم في دوائر كثيرة في صورة بعض الاشخاص.
اما الحقيقة التي ننظر اليها بمنظار هذا المثال فهي:
ان الأمر والحكم يأتي مباشرة من القائد العام الى كل دائرة من الدوائر، وينفَّذ هناك بأمره وارادته وقوته؛ حيث لا عجز فيه.
وهكذا على غرار هذا المثال:
ففي كل طبقة من طبقات المخلوقات وطوائف الموجودات - من الذرات الى السيارات ومن الحشرات الى السموات - التي تجري فيها وتنفَّذ بكمال الطاعة والامتثال أوامر سلطان الازل والابد وشؤون حاكم الارض والسموات، الآمر المطلق المالك لأمرِ (كن فيكون)..