الكلمات | الكلمة الحادية والثلاثون | 785
(772-812)

هذا الحاكم الحكيم والصانع العليم سيُظهر ربوبيته الجليلة.
وحيث انه يريد تعريف نفسه ويحببها الى ذوي الشعور؛ بما اظهره من آثار اللطف والرحمة، وبما بث من بدائع الصنعة.. فلا شك أنه سيخبر بوساطة مبلّغ امين، ما يريده من ذوي الشعور، وبمَ يرضى عنهم؟ وعليه فيعلن حتماً ربوبيته بوساطة مَن يخصصه من ذوي الشعور.. ويشرّف داعياً منهم بقرب حضوره، جاعلاً منه واسطة اعلان عن مصنوعاته المحبوبة لديه.. وسيعيّن معلماً يظهر كمالاته بتعليم مقاصده العليا الى سائر ذوي الشعور.. وسيعيّن مرشداً يدلّ على مغزى الموجودات كيلا يبقى ما ادرج في هذا الكون من طلسم دون كشف، وما اخفى في هذه الموجودات من شؤون الربوبية دون معنى.. وسيعيّن رائداً يُعَلِّمُ مقاصدهُ كيلا يبقى عبثاً دون نفع ما اظهره من محاسن الصنعة، أو نشره أمام الانظار.. وسيرفع أحدَهم ويعرُجُ به الى مقامٍ اعلى من جميع ذوي الشعور ويُعَلّمُهُ مرضياتِهِ ويُرْسِلُهُ اِليهم.
فما دامت الحقيقة والحكمة تقتضيان هذا، فان أليَقَ وأجدرَ مَن يوفي حق هذه الوظائف هو محمد y فلقد ادّى تلك الوظائف فعلاً باكمل صورة.. والشاهد العدل الصادق على ذلك هو ما أسس من عالم الاسلام وما أظهره من نور الاسلام المبين؛ لذا فلأجل ما سبق يلزم أن يعرج ويعلو بهذا النبي الكريم y علواً مباشراً الى مقام رفيع يسمو على جميع الكائنات ويتجاوز جميع الموجودات، كي يحظى بالمثول بين يدي رب العالمين.
فالمعراج يفيد هذه الحقيقة.
حاصل الكلام: ان الحكيم المطلق قد زيّن هذه الكائنات العظيمة ونظّمها اظهاراً لأمثال هذه المقاصد العظمى والغايات الجليلة.. وان في هذه الموجودات نوعَ الانسان الذي يستطيع ان يشاهد هذه الربوبية العامة بجميعِ دقائقها، وهذه الالوهية الجليلة بجميع حقائقها.. فلا ريب

لايوجد صوت