الكلمات | الكلمة الحادية والثلاثون | 788
(772-812)

مادة مالئة للفضاء.
فكما تدل الثمرات على شجرتها، والازهار على روضتها، والسنابل على مزرعتها، والاسماك على بحرها بالبداهة، فهذه النجوم ايضاً تقتحم عيون العقول دالة بالضرورة على وجود روضتها ومَنشَئها ومزرعتها وبحرها.
فما دام العالم العلوي مبنياً باشكال متنوعة، كلٌ منها يبين احكاماً مختلفة في اوضاع مختلفة، فان منشأ تلك الاحكام - اي السموات - مختلفة ايضاً بعضها عن بعض؛ إذ كما أن في الانسان أنماطاً من وجود معنوي - عدا الجسم المادي - كالعقل والقلب والروح والخيال والحافظة وغيرها، ففي العالم ايضاً الذي هو على صورة انسان اكبر، وفي الكائنات التي هي شجرة ثمرة الانسان، عوالم اخرى سوى العالم الجسماني، فضلاً عن أن لكل عالَمٍ من العوالم سماءه ابتداءً من عالم الارض حتى عالم الجنة.
ونقول بمناسبة الملائكة:
ان الأرض وهي من السيارات المتوسطة الحجم وصغيرة وكثيفة بالنسبة للنجوم، إن كانت مليئة بما لا يعد ولا يحصى من انماط الحياة والشعور - وهما اثمن شئ في الموجودات وانورها - فكيف بالسموات التي هي بحار واسعة تسبح فيها نجوم كأنها عمارات مزدانة وقصور شاهقة بالنسبة للأرض التي هي بيت مظلم صغير؟
اذن فالسموات مساكن ذوي شعورٍ وذوي حياةٍ، وباجناس متنوعة وباعداد لا تعد ولا تحصى، وهم الملائكة والروحانيات. وحيث اننا اثبتنا اثباتاً قاطعاً وجود السموات وتعددها في تفسيرنا المسمى بــ(اشارات الاعجاز في مظان الايجاز) وذلك في تفسير قوله تعالى: ﴿ثم استوى الى السماء فَسوّيهُن سَبْعَ سمواتٍ﴾ (البقرة:29) وكذا أثبتنا وجود الملائكة اثباتاً لا يدنو منه الشك في الكلمة التاسعة والعشرين، نوجز هنا البحث ونحيله الى تلكما الرسالتين.
الحاصل: ان وجود السموات التي قد سوّيت من الاثير واصبحت مسَار الضوء والحرارة والجاذبية وامثالها من السيارات اللطيفة،

لايوجد صوت