الكلمات | الكلمة الحادية والثلاثون | 797
(772-812)

مائة سطر، كل حرف منه يُعبّر عن معاني ما في مائة كلمة.. وكانت جميع معاني ذلك الكتاب وجميع حقائقه تشير الى الكمالات المعنوية لذلك الكاتب البديع المعجز وتتوجه نحوها..
فاذا كان الأمر هكذا، فلا ريب ان ذلك الكاتب المعجز لا يترك كتابه المعجَز هذا دون فائدة، ولا يغلق ابواب هذه الخزينة التي لا تنفَدْ، بل محال ان يدعها معطلة لا طائل وراءها.. لذا سيعلّم أفراداً معينين معاني ذلك الكتاب لئلا يبقى ذلك الكتاب القيم مهملاً دون معنى.. ولتظهر كمالاتهُ المخفية. وتجد طريقها الى الكمال، ويُشاهد جمالَه المعنوي ليُحَبَّ ويُحَبِّبَ صاحبه، اي أنه سيعلّم احداً مفردات ذلك الكتاب، بجميع معانيه وحقائقه، ملقناً اياه درساً درساً من اول صحيفة فيه الى آخر صحيفة، حتى يمنحه الشهادة عليه.
وهكذا فالمصور الجميل سبحانه وتعالى الذي كتب هذه الكائنات اظهاراً لكمالاته، وابرازاً لجماله وحقائق اسمائه المقدسة.. كتبها كتابةً بديعة، لا أبدع منها؛ إذ تدل جميع الموجودات - بما لا يحد من الجهات - على اسمائه الحسنى وعلى صفاته الجليلة وعلى كمالاته المطلقة وتعبّر عنها.
ومن المعلوم ان كتاباً - مهما كان - ان لم يُعْرَف معناه، فسيذهب هباءً منثوراً، وستسقط قيمتُه الى العدم، فكيف بكتاب كهذا الذي يتضمن كل حرف فيه الوف المعاني؟ فلا يمكن ان تسقط قيمته قطعاً ولا يمكن ان يذهب هباءً قط!
فكاتب ذلك الكتاب المعجز سيعلّمه حتماً، ويفهّم قسماً منه - حسب استعدادات كل طائفة - مَن هو أعم نظراً وأشمل شعوراً وأكمل استعداداً.
ولاجل تدريس مثل هذا الكتاب وتعليمه تعليماً كلياً وشاملاً جميع حقائقه، تقتضي الحكمة سيراً وسلوكاً في غاية السمو والرفعة، اي يلزم مشاهدةً وسيراً ابتداءً من نهاية طبقات الموجودات الكثيرة - التي هي أولى صفحات هذا الكتاب - وانتهاء الى دائرة الأحدية التي هي منتهى صفحاته.

لايوجد صوت