الكلمات | الكلمة الحادية والثلاثون | 795
(772-812)

وخوارق صنعته وعجائب معرفته، وذلك ليشاهد جمالَه وكمالَه المعنويين على وجهين:
وجه: بنظره الثاقب الدقيق.
وآخر: بنظر الآخرين.
وبناء على هذه الحكمة؛ سيشرع هذا السلطان العظيم حتماً بتشييد قصر عظيم واسع مهيب، ويقسّمه تقسيماً بارعاً الى دوائر وطوابق ومنازل فخمة، موشحاً كل قسم بجواهر ومرصعات خزائنه المتنوعة، مجمّلاً اياه بأجمل ما ابدعته يدُ صنعته وألطفها، منظماً إياه بأدق دقائق فنونه وحكمته. وبعد ذلك سيبسط موائد واسعة عامرة، بما يليق بكل طائفة، معدّاً بها ضيافة عامة سخية تزخر بانواع نعمه وانماط اطعمته اللذيذة.
ثم يدعو رعاياه الى هذه الضيافة الكريمة، ومشاهدة كمالاته البديعة، ويجعل احدهم رسولاً بينه وبينهم، فيدعوه اليه مروراً من ادنى الطبقات الى اعلاها، ويسيّره دائرة فدائرة، وطبقة فوق طبقه.. مُشهداً اياه معامل تلك الصنعة البديعة، ومخازن ما يَرِدُ من الطبقات الدنيا من محاصيل، حتى يبلغه دائرته الخاصة، فيشرّفه بقبوله الى حضرته، مظهراً له ذاته المباركة، التي هي اصل جميع كمالاته.. فيعلّمه كمالاته الذاتية ويرشده الى حقائق القصر. ويسنّمه وظيفة مرشد رائد للمتفرجين ويرسله اليهم ليعرّف الأهلين صانعَ القصر؛ بما في القصر مـن اركان نقـوشه وعجائب صنعته، ويعلّم ما فـي النقوش من رموز، وما في الصنائع من اشارات.. ويعرّف الداخلين الى القصر؛ ما هذه المرصعات المنظومة والنقوش الموزونة؟ وكيف انها تدل على كمالات مالك القصر وابداعه؟ ويرشدهم الى اداب السير والتفرج ويلقنهم مراسيم التشريفات للمثول أمام السلطان العظيم الذي لا يُرى.. كل ذلك وفق ما يرضيه ويطلبه.
وهكذا (ولله المثل الاعلى) فان الصانع الجليل، سلطان الأزل والأبد، قد أراد رؤية واراءة جماله المطلق، وكماله المطلق، فبنى

لايوجد صوت