الكلمات | الكلمة الحادية والثلاثون | 801
(772-812)

واحسن طراز، فلبّى ارادة رب العالمين في صرف وجه هذا الانسان من الكثرة الى الوحدة ومن الفاني الى الباقي، ذلك الانسان الذي خلقه سبحانه ثمرةً للعالم ووهب له من الاستعدادات ما يسع العالم كله وهيأه للعبودية الكلية وابتلاه بمشاعر متوجهة الى الكثرة والدنيا.
وحيث ان اشرف الموجودات هم ذوو الحياة، وانبل الأحياء هم ذوو الشعور، واكرم ذوي الشعور هم بنو آدم الحقيقيون الكاملون، لذا فالذي ادّى من بين بني الانسان المكرم تلك الوظائف المذكورة آنفاً وأعطى حقها من الاداء في افضل صورة واعظم مرتبة من مراتب الاداء، لا ريب، انه سيعرج - بالمعراج العظيم - فيكون قاب قوسين أو أدنى، وسيطرق باب السعادة الابدية وسيفتح خزائن الرحمة الواسعة، وسيرى حقائق الايمان الغيبية رؤية شهود، ومن ذا يكون غير ذلكم النبي الكريم y ؟
سابعاً: يجد المتأمل في هذه المصنوعات المبثوثة في الكون أن فيها فعل التحسين في منتهى الجمال وفعل التزيين في منتهى الروعة، فبديهي أن مثل هذا التحسين والتزيين يدلان على وجود ارادة التحسين وقصد التزيين لدى صانع تلك المصنوعات فتلك الارادة الشديدة تدل بالضرورة على وجود رغبة قوية سامية ومحبة مقدسة لدى ذلك الصانع نحو صنعته...
لذا فمن البديهي أن يكون أحب مخلوق لدى الخالق الكريم الذي يحب مصنوعاته هو مَن يتصف بأجمع تلك الصفات، ومَن يُظهر في ذاته لطائف الصنعة اظهاراً كاملاً، ومن يعرفها ويعرِّفها، ومَن يحبِّب نفسه ويستحسن - باعجاب وتقدير - جمال المصنوعات الاخرى.
فمَن الذي جعل السموات والارض ترن بصدى (سبحان الله... ما شاء الله... الله اكبر) من اذكار الاعجاب والتسبيح والتكبير تجاه ما يرصّع المصنوعات من مزايا تزينّها ومحاسن تجمّلها ولطائف وكمالات تنورها؟ ومن الذي هزّ الكائنات بنغمات القرآن الكريم فانجذب البر والبحر اليها في شوق عارم من الاستحسان والتقدير في

لايوجد صوت