مشخّص ان يقوم باعمال غير متناهية في اماكن غير متناهية وبلاصعوبة؟
الجواب: يجاب عن هذا السؤال ببيان سر الأحدية والصمدانية، الذي هو في غاية العمق ومنتهى الرفعة ونهاية السعة، حتى ان فكر الانسان يقصر عن فهم ذلك السر العظيم الاّ بمنظار التمثيل ورصد المَثَل. وحيث أنه لا مِثل ولا مثيل لذات الله سبحانه ولا لصفاته الجليلة، الاّ ما كان من المَثَل والتمثيل في شؤونه الحكيمة. لذا نشير الى ذلك السر بأمثلة مادية:
المثال الاول:
كما اثبتنا في الكلمة السادسة عشرة ان شخصاً واحداً يكسب صفة كلية بوساطة المرايا، ومع كونه جزئياً حقيقياً يصبح في حكم كلّي مالكٍ لشؤون كثيرة.
وكما ان الزجاج والماء وامثالهما من المواد تكون مرايا للاشياء الجسمانية (المادية) وتُكسب الشئ المادي صفة كلية، كذلك الهواء والاثير وبعض موجودات عالم المثال يصبح في حكم مرايا ويتحول الى صورة وسائط للسير والسياحة، في سرعة البرق والخيال، بحيث يتجول اولئك النورانيون والروحانيون في تلك المرايا الطاهرة، وفي تلك المنازل اللطيفة في سرعة الخيال، فيدخلون في آن واحد الوف الاماكن والمواضع. وحيث انهم نورانيون وصورهم في المرايا هي عينُهم ومالكةٌ لصفاتهم - بخلاف الجسمانيين - فانهم يسيطرون على تلك الاماكن كأنهم موجودون فيها بذواتهم. بينما صور الجسمانيين الكثيفة، ليست عينها، كما انها ليست مالكة لصفاتها، فهي ميتة.
مثلاً: الشمس، مع انها جزئي مشخّص، الاّ انها تصبح في حكم كلي بوساطة المواد اللماعة، اذ تعطي صورتها ومثالها الى كل مادة لمّاعة على سطح الارض، والى كل قطرة ماء، والى كل قطعة زجاج - كل حسب قابليته - فتكون حرارة الشمس وضياؤها وما فيه من الوان سبعة، مع نوع من صورة ذاتها المثالية موجودةً في كل جسم