السموات والارض قدرة لا منتهى لها وهي في غاية الكمال - كما اثبتنا - ولو وجد شريك يلزم ان تكون قدرة اخرى متناهية تغلب تلك القدرة غير المتناهية والتي هي في غاية الكمال وتستولى على موضعٍ منها فتمنع لا تناهيها وتجعلها في وضع عجز معنوي، وتحدّها وهي غير محدودة بالذات، بمعنى ان شيئاً متناهياً يُنهي مالا يتناهى وهو في كمال لاتناهيه ويجعله متناهياً!! وهذا هو أبعد المحالات وابعد الممتنعات عن العقل والمنطق.
ثم ان الشركاء مستغنىً عنها، وممتنعة بالذات، كما ان وجودها محال، فادعاء الشركاء اذن ادعاء تحكّمى ليس إلاّ. اذ لعدم وجود سبب لإدعاء تلك الدعوى عقلاً ومنطقاً وفكراً يُعدّ كلاماً لا معنى له، ويطلق على مثل هذه الدعوى في علم الاصول مصطلح: تحكمى، بمعنى انه دعوىً مجردة لا معنى لها.
ومن الدساتير المقررة في علم الكلام والاصول:
(لا عبرة للاحتمال غير الناشئ عن دليل، ولا ينافي الإمكان الذاتي اليقينَ العلمى).
مثال ذلك: من الممكن والمحتمل ان تتحول بحيرة (بارلا) الى دبس وينقلب الى دهن، وهذا احتمال ولكن هذا الاحتمال لا ينشأ من أمارة، فلا يؤثر ولا يلقي شكاً ولا شبهة في يقيننا العلمي بأن البحيرة من ماء.
وعلى غرار هذا فقد سألنا من كل ناحية من نواحي الموجودات، ومن كل زاوية من زوايا الكائنات،ومن كل شئ ابتداءً من الذرات الى السيارات - كما في الموقف الاول - ومن خلق السموات والارض الى اختلاف ألوان الانسان وألسنته - كما يشاهد في هذا الموقف الثاني - فكان الجواب: شهادة صدق للوحدانية بلسان الحال، ودلالة قاطعة بوجود ختم التوحيد المضروب على كل شئ، وقد شاهدتَه بنفسك ايضاً.
لذا فلا توجد اية امارة في موجودات الكائنات يمكن ان يبنى عليها