الكلمات | الموقف الثالث | 871
(867-904)

وهذا يعني ان الجمال الذاتي والكمال الذاتي للصانع ذي الجلال، والحكيم ذي الجمال، والقدير ذي الكمال، يريدان الترحم والتحنن، فيسوقان اسمي (الرحمن، الحنان) الى التجلي. والترحم والتحنن يسوقان اسمي (الرحيم والمنعم) الى التجلي، وذلك باظهار الرحمة والنعمة معاً. والرحمة والنعمة تقتضيان شؤون التودد والتعرف وتسوقان اسمي (الودود والمعروف) الى التجلي فيظهران على المصنوع. والتودد والتعرف يحركان معنى اللطف والكرم ويستقرآن اسمي (اللطيف والكريم)، في بعض نواحي المصنوع. وشؤون اللطف والكرم تحرك فعلَي التزيين والتنوير فتستقرىء اسمي (المزيّن المنور) بلسان حُسن المصنوع ونورانيته. وشؤون التزيين والتحسين تقتضي معاني الصنع والعناية وتستقرىء اسمي (الصانع المحسن) في السيماء الجميل لذلك المصنوع. وذلك الصنع والعناية تقتضيان العلم والحكمة فيستقرىء المصنوع اسمي (العليم والحكيم) في اعضائه المنتظمة الحكيمة. ولاشك ان ذلك العلم والحكمة تقتضيان افعال التنظيم والتصوير والتشكيل، فيستقرىء المصنوع بشكله وبهيئته، اسمي (المصوّر المقدّر).
وهكذا خلق الصانع الجليل مصنوعاته كلها، حتى يستقرئ القسم الغالب منها ولا سيما ذوي الحياة، كثيراً جداً من الاسماء الحسنى، وكأنه سبحانه قد ألبس كل مصنوع عشرين حلّة متباينة متراكبة، او كأنه لف مصنوعه ذلك بعشرين غطاء وستره بعشرين ستاراً، وكتب على كل حلة، وعلى كل ستار اسماءه المختلفة.
ففي زهرة واحدة جميلة، وفي حسناء لطيفة، مثلاً في ظاهر خلقهما صحائف كثيرة جداً - كما في المثال - يمكنك ان تأخذهما مثالاً تقيس عليهما المصنوعات الاخرى العظيمة.
الصحيفة الاولى: هيئة الشئ التي تبين شكله العام ومقداره، والتي تذكّر باسماء: يا مصور يا مقدر يا منظم.
الصحيفة الثانية: صور الاعضاء المتباينة المنكشفة ضمن تلك الهيئة البسيطة للزهرة والانسان، التي تُسطر في تلك الصحيفة اسماء

لايوجد صوت