الكلمات | الموقف الثالث | 885
(867-904)

عِندَكَ الكِبَرَ أحدُهما أو كِلاهُما فَلا تَقُلْ لَهُما اُفٍِّ وَلاَ تَنْهَرهُما وَقُلْ لَهُما قَولاً كَريماً  وَاخْفـِضْ لَهُما جَناحَ الذُّلِّ مِن الرَحمةِ وَقُلْ رَبِّ اِرحَمْهُما كَما رَبياني صَغيراً﴾(الاسراء:23 ـ24). تدعو الأولاد الى رعاية حقوق الوالدين في خمس مراتب، وتبين مدى اهمية برّهما وشناعة عقوقهما..
وحيث ان الوالد لا يقبل ان يتقدمه احد سوى إبنه اذ لا يحمل في فطرته حسداً إليه مما يسد على الولد طريق مطالبة حقه من الوالد؛ لأن الخصام إما ينشأ من الحسد والمنافسة بين اثنين او ينشأ من غمط الحق، فالوالد سليم معافى منهما فطرة، لذا لا يحق للولد إقامة الدعوى على والده، بل حتى لو رأى منه بغياً فليس له ان يعصيه ويعقّه. بمعنى ان من يعقّ والديه ويؤذيهما ما هو الاّ انسان ممسوخ حيواناً مفترساً.
أما محبة الاولاد فهي كذلك محبةٌ لله تعالى وتعود اليه، وذلك بالقيام برعايتهم بكمال الشفقة والرحمة بكونهم هبة من الرحيم الكريم. أما العلامة الدالة على كون تلك المحبة لله وفي سبيله فهي الصبر مع الشكر عند البلاء، ولا سيّما عند الموت والترفع عن اليأس والقنوط وهدر الدعاء بل يجب التسليم بالحمد عند القضاء. كأن يقول: ان هذا المخلوق محبوب لدى الخالق الكريم، ومملوك له، وقد أمنَّني عليه لفترة من الزمن، فالآن اقتضت حكمته سبحانه أن يأخذه مني الى مكان آمن وأفضل. فان تك لي حصة واحدة ظاهرية فيه، فله سبحانه الف حصة حقيقية فيه. فلا مناص اذن من التسليم بحكم الله.
أما محبة الاصدقاء وودّهم، فان كانوا من اصحاب الايمان والتقوى فان محبتهم هي في سبيل الله وتعود اليه سبحانه بمقتضى (الحب في الله).
ثم ان محبة الزوجة وهي رفيقة حياتك، فعليك بمحبتها على أنها هدية أنيسة لطيفة من هدايا الرحمة الإلهية. واياك ان تربط محبتك لها برباط الجمال الظاهري السريع الزوال، بل اوثقها بالجمال الذي لا يزول ويزداد تألقاً يوماً بعد يوم، وهو جمال الاخلاق والسيرة الطيبة

لايوجد صوت