بالمعنى (الاسمي) اي لمعنى ما فيها وليس لذاتها. ولا تقل لشئ: (ما اجمل هذا) بل قل: (ما اجمله خلقاً) أو (ما اجمل خلقه)! واياك ان تترك ثغرة يدخل منها حبٌ لغير الله في باطن قلبك، فان باطنه مرآة الصمد، وخاص به سبحانه وتعالى. وقل:
اللّهم ارزقنا حبك وحب ما يقرّبنا اليك.
وهكذا فان جميع ما ذكرناه من انواع المحبة، إن وجهت الوجهة الصائبة على الصورة المذكورة آنفاً، اي عندما تكون لله وفي سبيله، فانها تورث لذة حقيقية بلا ألم. وتكون وصالاً حقاً بلا زوال، بل تزيد محبة الله سبحانه وتعالى، فضلاً عن انها محبة مشروعة وشكر لله في اللذة نفسها، وفكر في آلائه في المحبة عينها.
مثال للتوضيح:
اذا اهدى اليك سلطان عظيم(1) تفاحة - مثلاً - فانك ستكّن لها نوعين من المحبة، وستلتذ بها بشكلين من اللذة:
الاولى:
المحبة التي تعود الى التفاحة، من حيث انها فاكهة طيبة فيها لذة بقدر ما فيها من خصائص، هذه المحبة لا تعود الى السلطان. بل مَن يأكلها بشراهة امامه يبدي محبته للتفاحة وليس للسلطان، وقد لا يعجب السلطان ذلك التصرف منه، وينفر من تلك المحبة الشديدة للنفس. علاوة على أن لذة التفاحة جزئية وهي في زوال. اذ بمجرد الانتهاء من اكلها تزول اللذة وتورث الاسف.
أما المحبة الثانية:
فهي للتكرمة السلطانية والتفاتته اللطيفة التي ظهرت بالتفاحة.. فكأن تلك التفاحة نموذج للتوجه السلطاني، او هي ثناء مجسّم منه. فالذي يتسلم هدية السلطان حباً وكرامةً يبدي محبته للسلطان وليس للتفاحة. علماً ان في تلك التفاحة التي صارت مظهراً للتكرمة لذة
(1) لقد وقعت هذه الحادثة فعلاً فيما مضى، عندما دخل رئيسا عشيرتين الى سلطانٍ عظيم وقاما بمثل ما ذكر اعلاه. - المؤلف.