الكلمات | الموقف الثالث | 888
(867-904)

تفوق وتسمو على الف تفاحة اخرى. فهذه اللذة هي الشكران بعينه، وهذه المحبة هي محبة ذات احترام وتوقير يليق بالسلطان.
وهكذا فاذا ما وجّه الانسان محبته الى النعم والفواكه بالذات وتلذذ عن غفلة بلذاتها المادية وحدها، فتلك محبة نفسانية تعود الى هوى النفس، وتلك اللذات زائلة مؤلمة. أما اذا كانت المحبة متوجهة الى جهة التكرمة الربانية ونحو ألطاف رحمته سبحانه وثمرات احسانه، مقدّراً درجات الاحسان واللطف ومتلذذاً بها بشهية كاملة، فهي شكر معنوي، وهي لذة لا تورث ألماً.
 النكتة الثالثة:
ان المحبة المتوجهة الى الاسماء الحسنى لها طبقات: فقد تتوجه بالمحبة الى الاسماء الحسنى بمحبة الآثار الإلهية المبثوثة في الكون - كما بيناه سابقاً - وقد تتوجه بالمحبة الى الاسماء الحسنى لكونها عناوين كمالات إلهية سامية، وقد يكون الانسان مشتاقاً الى الاسماء الحسنى لحاجته الماسة اليها، وذلك لجامعية ماهيته وعمومها وحاجاته غير المحدودة، اي يحب تلك الاسماء بدافع الحاجة اليها.
ولنوضح ذلك بمثال:
تصور وانت تستشعر عجزك وحاجتك الشديدة الى مَن يساعدك ويعينك لإنقاذ مَن تحن عليهم وتشفق على اوضاعهم من الاقارب والفقراء، وحتى المخلوقات الضعيفة المحتاجة، اذا بأحدهم يبرز في الميدان، ويُحـسن لأولئك ويتفضل عليهم ويسبغ عليهم نِعَمه بما تريده وترغبه.. فكم تطيب نفسك وكم ترتاح الى إسمه (المنعم) و (الكريم).. وكم تنبسط أساريرك وتنشرح من هذين الاسـمين، بل كم يأخذ ذلك الشخص من اعجابك وتقديرك، وكم تتوجه اليه بالحب بذينك الاسمين والعنوانين!.
ففي ضوء هذا المثال تدبّر في اسمين فقط من الاسماء الحسنى وهما: (الرحمن) و (الرحيم) تجد أن جميع المؤمنين من الآباء والاجداد السالفين وجميع الاحبة والاقارب والاصدقاء، هؤلاء الذين تحبهم وتحن اليهم وتشفق عليهم، يُنعَمون في الدنيا بانواع من النعم

لايوجد صوت