الكلمات | الكلمة الثامنة | 42
(37-44)

ولكنما ذلك السعيد يبصر الحقيقة، والحقيقة بذاتها جميلة، ومع ادراك جمال الحقيقة فانه يحترم كمال صاحب الحقيقة ويوقّره فيستحق رحمته.
فاعلم اذن سراً من أسرار: ﴿ما أصَابكَ مِن حَسَنةٍ فَمِن الله وما أصَابَك مِن سَيئةٍ فَمِن نَفسِكَ﴾(النساء:79)
فلو وازنت سائر هذه الفروق وأمثالها لعلمت أن النفس الأمارة للأول قد أحضرت له جهنم معنوية، بينما الآخر قد نال ــ بحسن نيته وحسن ظنه وحسن خصلته وحسن فكره ــ الفيض والسعادة والاحسان العميم.
فيا نفسي. ويا أيها الرجل المنصت معي الى هذه الحكاية!
اذا كنت تريد أن لا تكون مثل ذلك الأخ المشؤوم وترغب في أن تكون كالأخ السعيد فاستمع الى القرآن الكريم وأرضخ لحكمه واعتصم به واعمل بأحكامه.
واذا كنت قد وعيت ما في هذه الأقصوصة التمثيلية من حقائق؛ فانك تستطيع أن تطبق عليها الحقيقة الدينية والدنيوية والانسانية والايمانية كلها. وسأقول لك الأسس، واستخرج بنفسك الدقائق!
فالاخوان الاثنان: أحدهما روح المؤمن وقلب الصالح، والآخر روح الكافر وقلب الفاسق.. أما اليمين من تلكما الطريقين فهو طريق القرآن وطريق الايمان وأما الشمال فطريق العصيان والكفران.. وأما ذلك البستان في الطريق فهو الحياة الاجتماعية المؤقتة للمجمتع البشري والحضارة الانسانية التي يوجد فيها الخير والشر والطيب والخبيث والطاهر والقذر معاً. فالعاقل هو مَن يعمل على قاعدة: (خذ ما صفا.. دع ما كدر) فيسير مع سلامة القلب واطمئنان الوجدان.
وأما تلك الصحراء فهي هذه الدنيا وهذه الارض.. وأما ذلك الأسد فهو الأجل والموت.. وأما تلك البئر فهي جسد الانسان وزمان الحياة. وأما ذلك العمق البالغ ستين ذراعاً فهو اشارة الى العمر الغالب، وهو معدل العمر ستون سنة.. وأما تلك الشجرة فهي مدة العمر ومادة

لايوجد صوت