التي نرى آثارها وملامحها هنا، انما هو في مملكة اخرى بعيدة. وان العمارات في ميدان الامتحان هذا بنايات وقتية، وستُبدّل الى قصور دائمة، فتبدل هذه الارض بغيرها. لأن هذه السلطنة الجليلة الخالدة - التي تُعرف عظمتُها من آثارها - لا يمكن ان تقتصر هيمنتُها على مثل هذه الامور الزائلة التي لا بقاء لها ولا دوام ولا كمال ولا قرار ولا قيمة ولا ثبات. بل تستقر على ما يليق بها وبعظمتها من امور تتّسم بالديمومة والكمال والعظمة.
فاذن هناك دار اخرى.. ولابد ان يكون الرحيل الى ذلك المقر.
الصورة العاشرة
تعال يا صاحبي، فاليوم يوم عيد ملكي عظيم(1).. ستحدث تبدلات وتغيرات وستبرز أمور عجيبة.. فلنذهب معاً للنزهة، في هذا اليوم البهيج من ايام الربيع الى تلك الفلاة المزدانة بالازهار الجميلة.. انظر! هاهم الناس متوجهون الى هناك.. انظر! هاهنا امر غريب عجيب، فالعمارات كلها تنهار وتتخذ شكلاً آخر! حقاً انه شئ معجز! اذ العمارات التي انهارت قد أعيد بناؤها هنا فوراً، وانقلبت هذه الفلاة الخالية الى مدينة عامرة! انظر.. انها تريك كل ساعة مشهداً جديداً وتتخذ شكلاً غير شكلها السابق - كشاشة السينما - لاحظ الأمر بدقة لترى روعة هذا النظام المتقن في هذه الشاشة التي تختلط فيها المشاهد بكثرة وتتغير بسرعة فهي مشاهد حقيقية يأخذ كل شئ مكانه الحقيقي في غاية الدقة والانسجام، حتى المشاهد الخيالية لا تبلغ هذا الحد من الانتظام والروعة والاتقان، بل لا يستطيع ملايين الساحرين البارعين من القيام بمثل هذه الاعمال البديعة.. اذن فللسلطان العظيم
(1) سترى ما ترمز اليه هذه الصورة في (الحقيقة التاسعة). فيوم العيد مثلاً اشارة الى فصل الربيع، أما الفلاة المزدانة بالازهار فاشارة الى سطح الارض في موسم الربيع، أما المناظر والمشاهد المتغيرة في الشاشة، فالمقصود منها انواع ما يخرجه الربيع والصيف من الارزاق الخاصة بالحيوان والانسان التي يقدّرها الصانع القدير ذو الجلال والفاطر الحكيم ذو الجمال، والذي يغيرها بانتظام كامل ويجدّدها برحمة تامة منه سبحانه، ويرسلها في فترات متعاقبة متتالية ابتداء من أول الربيع الى انتهاء الصيف. ــ المؤلف.