الصورة السابعة
تعال، لنتنزه قليلاً بين المدنيين من الناس لنلاحظ احوالهم، وما تجري حولهم من امور. انظر، فها قد نُصبَت في كل زاوية آلاتُ تصوير عديدة تلتقط الصور، وفي كل مكان كتّاب كثيرون يسجلون كل شئ، حتى أهون الامور.
هيا انظر الى ذاك الجبل الشاهق فقد نصبت عليه آلة تصوير ضخمة تخص السلطان نفسه(1) تلتقط صور كل ما يجري في هذه المملكة. فلقد اصدر السلطان أوامره لتسجيل الامور كلها، أو تدوين المعاملات في مملكته. وهذا يعني ان السلطان المعظم هو الذي يملي الحوادث جميعها، ويأمر بتصويرها.. فهذا الاهتمام البالغ، وهذا الحفظ الدقيق للأمور، وراءه محاسبة بلا شك، اذ هل يمكن لحاكمٍ حفيظ - لا يهمل أدنى معاملة لأبسط رعاياه - أن لا يحفظ ولا يدوّن الاعمال العظيمة لكبار رعاياه، ولا يحاسبهم ولا يجازيهم على ما صنعوا مع انهم يُقدمون على اعمال تمسّ الملك العزيز، وتتعرض لكبريائه، وتأباه رحمته الواسعة؟.. وحيث انهم لا ينالون عقاباً هنا..
فلابد انه مؤجل الى محكمة كبرى.
الصورة الثامنة
تعال، لأتلو عليك هذه الأوامر الصادرة من السلطان. انظر، انه يكرر وعده ووعيده قائلاً: لآتينّ بكم الى مقر سلطنتي، ولأسعدنّ
(1) لقد وضح قسم من هذه المعاني التي تشير اليها هذه الصورة في (الحقيقة السابعة). فآلة التصوير الكبرى هنا ـ التي تخص السلطان ـ تشير الى اللوح المحفوظ، والى حقيقته وقد اثبتت الكلمة (السادسة والعشرون) اللوح المحفوظ، وتحقّق وجوده بما يأتي:
كما ان الهويات الشخصية الصغيرة ترمز الى وجود سجل كبير للهويات، والسندات الصغيرة تُشعر بوجود سجل اساس للسندات. ورشحات قطرات صغيرة وغزيرة تدل على وجود منبع عظيم، فان القوى الحافظة في الانسان، واثمار الاشجار، وبذور الثمار كذلك كل منها بمثابة هويات صغيرة، وبمعنى (لوح محفوظ صغير) وبصورة ترشحات نقاط صغيرة ترشحت من القلم الذي كتب اللوح المحفوظ الكبير. فلابد ان كلاً منها تشعر بوجود الحافظة الكبرى، والسجل الاكبر، واللوح المحفوظ الاعظم، بل تُثبته وتبرزه الى العقول النافذة. ــ المؤلف .