يطلب فيها من مليكه الرؤوف أموراً، وجميع الذين معه يوافقونه ويصدّقونه ويطلبون ما يطلبه.
أنصت لما يقول حبيب الملك العظيم، انه يدعو بأدبٍ جم وتضرّع ويقول:
(يا من اسبغ علينا نعمه ظاهرة وباطنة، يا سلطاننا، أرنا منابع واصولَ ما أريتَه لنا من نماذج وظلال.. خذ بنا الى مقر سلطنتك ولا تهلكنا بالـضياع في هذه الفلاة.. أقبلنا وارفعنا الى ديوان حـضورك.. ارحمنا... اطعمنا هناك لذائذ ما أذقتنا اياه هنا، ولا تعذبنا بألم التنائي والطرد عنك.. فهاهم اولاء رعيتك المشتاقون الشاكرون المطيعون لك، لا تتركهم تائهين ضائعين، ولا تفنِهم بموت لا رجعة بعده)..
أسمعت يا صاحبي ما يقول؟. تُرى أمن الممكن لمن يملك كل هذه القدرة الفائقة، وكل هذه الرأفة الشاملة، ان لا يعطي مبعوثه الكريم ما يرغب به، ولا يستجيب لأسمى الغايات وانبل المقاصد؟ وهو الذي يقضي بكل اهتمامٍ أدنى رغبة لأصغر فرد من رعاياه؟ مع أن ما يطلبه هذا المبعوث الكريم تحقيق لرغبات الجميع ومقاصدهم، وهو من مقتضيات عدالته ورحمته ومرضاته. ثم انه يسير عليه وهيّن، فليس هو بأصعب مما عرضه من نماذج في متنزهات هذه المملكة ومعارضها.. فما دام قد انفق نفقات باهظة وأنشأ هذه المملكة لعرض نماذجه عرضاً مؤقتاً، فلابد أنه سيَعرِض في مقر سلطنته من خزائنه الحقيقية ومن كمالاته وعجائبه ما يبهر العقول. اذن فهؤلاء الذين هم في دار الامتحان هذه ليسوا عبثاً، وليسوا سدى، بل تنتظرهم قصورُ السعادة السرمدية الخالدة، او غياهب السجون الابدية الرهيبة.
الصورة السادسة
تعال، وانظر الى هذه القاطرات الضخمة، والى هذه الطائرات المشحونة، والى هذه المخازن الهائلة المملوءة، والى هذه المعارض الانيقة الجذابة.. وتأمل في الاجراءات وسير الامور.. انها جميعاً تبيّن