أي أن الجمال والحسن يقتضيان الشهود والإشهاد (الرؤية والاراءة) وهذا الشهود والإشهاد يستلزمان وجود المشاهدين المشتاقين والمستحسنين المعجبين.. ولما كان الجمال والحسن خالدَين سرمديين فانهما يقتضيان خلود المشتاقين وديمومتهم. لأن الجمال الدائم لا يرضى بالمشتاق الزائل الآفل. لذا فالمشاهد الذي يشعر بالزوال - وقضى على نفسه بعدم العودة الى الحياة - تتحول بمجرد تصوره الزوال محبته عداءً، واعجابه استخفافاً، واحترامه اهانةً، لأن الشخص الاناني مثلما يعادي مايجهله يعادي ما لا تصل اليه يده ايضاً، فيضمر عداءً وحقداً وانكاراً لذلك الجمال الذي ينبغي ان يقابَل بما يستحقه من محبة بلا نهاية وشوق بلا غاية واِعجاب بلا حدّ. ومن هذا يُفهم سرّ كون الكافر عدواً لله سبحانه وتعالى.
ولما كان ذلك الجود في العطاء غير المحدود، وذلك الحسن في الجمال الذي لا مثيل له، وذلك الكمال الذي لا نقص فيه.. يقتضي خلود الشاكرين، وبقاء المشتاقين المستحسنين، ونحن نشاهد رحلة كل شخص واختفاءه بسرعة في دار ضيافة الدنيا هذه، دون أن يستمتع باحسان ذلك السخاء اِلا نزراً يسيراً بما يفتح شهيته فقط، ودون أن يرى من نور ذلك الجمال والكمال اِلاّ لمحة خاطفة. اذن الرحلة منطلقة نحو متنزهات خالدة ومَشاهدَ أبدية.
الخلاصة: مثلما أن هذا العالم يدل بموجوداته دلالة قاطعة يقيناً على صانعه الكريم ذي الجلال، فصفاته المقدسة سبحانه واسماؤه الحسنى تدل كذلك على الدار الآخرة بلا ريب وتظهرها، بل تقتضيها.
الحقيقة الخامسة
باب الشفقة وعبودية محمد y
وهو تجلي اسم (المجيب والرَّحيم)
أمن الممكن لرب ذي رحمة واسعة وشفقة غير متناهية يبص