الكلمات | الكلمة العاشرة | 90
(56-121)

الكريم y سبباً كافياً لايجاد الجنة(1) التي هي سهلة على قدرة خالقنا الرحيم، كسهولة اعادة الحياة الى الارض في ايام الربيع؟.
نعم، ان الذي جعل سطح الارض في الربيع مثالاً للحشر، فاوجد فيه مائة نموذج من نماذجه بقدرته المطلقة، كيف يصعب عليه ايجاد الجنة؟.. اذن فكما كانت رسالته y سبباً لايجاد دار الامتحان هذه، وصارت بياناً وايضاحاً لسر (لَوْلاَك لَوْلاَكَ لَمَا خَلَقْتُ الافْلاَكَ)(2) فان عبوديته كذلك اصبحت سبباً لخلق تلك الدار السعيدة الابدية.
فهل من الممكن يا ترى لانتظام العالم البديع الذي حيّر العقول والصنعة المتقنة وجمال الربوبية الشاملة في اطار رحمته الواسعة، ان يقبل قبحاً فظيعاً وظلماً شنيعاً وفوضى ضاربة اطنابها، بعدم استجابة ذلك الدعاء أي أن لا يراعي ولا يسمع ولا ينجز اكثر الرغبات اهمية، واشدها ضرورة في حين انه يراعي باهتمام بالغ ابسط الرغبات وأصغرها، ويسمع أخفت الاصوات وادقها ويقضي لكل ذي حاجة حاجته! كلا ثم كلا الف ألف مرة، ان مثل هذا الجمال يأبى التشوه ولن يكون قبيحاً(1).
فالرسول y اذن يفتح بعبوديته باب الآخرة مثلما فتح برسالته باب الدنيا.

(1) نعم، ان ابداء نماذج الصنعة الدقيقة البديعة التي لا تعد ولا تحصى على وجه الارض الذي هو بمثابة صحيفة صغيرة بالنسبة الى عالم الآخرة الفسيح، وكذا اراءة نماذج الحشر والقيامة في ثلاثمائة ألفٍ من مخلوقات ذات موازنة وانتظام، وكتابتها في تلك الصحيفة الواحدة بهذا النظام البديع، لاشك انها أعقد من تهيئة الجنة الموسومة بالفخامة والرفعة في عالم البقاء الرحب، لذا يصح القول: ان خلق حدائق الربيع بما فيها من الازهار والرياحين أمر يبعث على الحيرة والدهشة اكثر مما يبعثها خلقُ الجنة، وبنسبة علو درجة الجنة ورفعة مكانتها على الربيع. ـ المؤلف.
(2) تناوله العلماء معنى و مبنى، ولعل قول علي القاري هو الوسط بين المثبتين والنافين له إذ يقول: إنه صحيح معنى ولو ضعف مبنى ( شرح الشفا 1/6 ). المترجم..
(1) نعم، ان انقلاب الحقائق محال بالاتفاق. واشد محالاته هو انقلاب الضد الى ضده. وضمن عدم امكان انقلاب الحقائق الى اضدادها حقيقة لا تقبل الضد قطعاً، وهي انقلاب الشيء مع احتفاظه بماهيته الى عين ضده، كـأن ينقلب الجمال المطلق ـ مع احتفاظه بهذا الجمال ـ الى القبح الحقيقي! فتحول جمال الربوبية الواضح والظاهر ظهوراً جلياً الى ضده مع بقائه على ماهيته هو اشد محالا واكثر عجباً في احكام العقل. ـالمؤلف.

لايوجد صوت