الكلمات | الكلمة العاشرة | 92
(56-121)

التجارة - بدائع صنعه سبحانه في هذا المعرض الهائل، ومن ثم يغيبون، والمعرض نفسه يتبدل ويتغير كل دقيقة!. فمَن يرحل فلا عودةََ له، والقابل راحل. فهذا الوضع يبين بوضوح وبشكل قاطع ان وراء هذا المضيف الفاني، وخلف هذا الميدان المتغير، وبعد هذا المعرض المتبدل، قصوراً دائمة تليق بالسلطنة السرمدية، ومساكن ابدية ذات جنان، وخزائن ملأى بالأصول الخالصة الراقية للنماذج التي نراها في الدنيا؛ لذا فالدأب والسعي هنا انما هو للتطلع الى ما هناك.. والاستخدام هنا لقبض الاجرة هناك. فلكلٍ حسب استعداده واجتهاده سعادة وافرة ان لم يفقدها.
نعم، انه محال ان تظل مثل هذه السلطنة السرمدية مقصورة على هؤلاء الفانين الاذلاء..
فانظر الى هذه الحقيقة من خلال منظار هذا المثال:
هب انك تسير في طريق، وتشاهد أن عليها (فندقاً فخماً) بناه ملك عظيم لضيوفه، وهو ينفق مبالغ طائلة لتزيينه وتجميله كي يُدخل البهجة في قلوب ضيوفه، ويعتبروا بما يرون. بيد أن اولئك الضيوف لا يتفرجون الا على أقل القليل من تلك التزيينات، ولا يذوقون الا أقل القليل من تلك النعم، حيث لا يلبثون الا قليلاً ومن ثم يغادرون الفندق دون ان يرتووا ويشبعوا. سوى ما يلتقطون من صور أشياء في الفندق بما يملكون من آلة تصــوير وكـذلك يفـعل عمال صاحب الفندق وخدامه حيث يلتقطون حركات هؤلاء النــزلاء وسكنــاتهم بكل دقة وأمــانة ويســجلونها. فهــا أنت ذا ترى ان الملك يهدّم يومياً اغلب تلك التزيينات النفيسة، مجدداً اِياها بأخرى جديدة للضيوف الجدد. أفبعد هذا يبقى لديك شك في مَن بنى هذا الفـندق على قارعة هذه الطريق يملك قصوراً دائمة عالية، وله خزائن زاخرة ثمينة لا تنفد، وهو ذو سخاء دائم لا ينقطع. وان ما يبديه من الكرم في هذا الفندق هو لإثارة شهية ضيوفه الى ما عنده من اشياء، ولتنبيه رغباتهم وتحريكها لما أعدّ لهم من هدايا؟.
فان تأملت من خلال هذا المثال في أحوال فندق الدنيا هذه،

لايوجد صوت