الكلمات | الكلمة العاشرةالمقدمة | 131
(122-135)

ليقوم بهذه المهمة بنجاح..
وما دام لابن آدم - الذي له هذه الماهية والمزايا خلقةً وطبعاً، وله حاجات لا تُحدّ مع ضعفه الشديد، وآلام لا تُعدّ مع عجزه الكامل - ربٌ قدير، له القدرة والرأفة المطلقة مما يجعل هذه الارض الهائلة العظيمة مخزناً عظيماً لأنواع المعادن التي يحتاجها الانسان، ومستودعاً لأنواع الاطعمة الضرورية له، وحانوتاً للأموال المختلفة التي يرغبها، وانه سبحانه ينظر اليه بعين العناية والرأفة ويربيه ويزوده بما يريد...
وما دام الرب سبحانه - كما في هذه الحقيقة - يحبّ الانسان، ويحبّب نفسه اليه، وهو باقٍ، وله عوالم باقية، ويُجري الامور وفق عدالته، ويعمل كل شئ وفق حكمته، وان عظمة سلطان هذا الخالق الأزلي وسرمدية حاكميته لا تحصرهما هذه الدنيا القصيرة، ولا يكفيهما عمر الانسان القصير جداً، ولا عمر هذه الارض المؤقتة الفانية. حيث يظل الانسان دون جزاء في هذه الدنيا لما يرتكبه من وقائع الظلم، وما يقترفه من انكار وكفر وعصيان، تجاه مولاه الذي انعم عليه ورباه برأفة كاملة وشفقة تامة، مما ينافي نظام الكون المنسّق، ويخالف العدالة والموازنة الكاملة التي فيها، ويخالف جماله وحسُنه، اذ يقضي الظالم القاسي حياته براحة، بينما المظلوم البائس يقضيها بشظف من العيش. فلا شك ان ماهية تلك العدالة المطلقة - التي يشاهد آثارها في الكائنات - لا تقبل أبداً، ولا ترضى مطلقاً، عدم بعث الظالمين العتاة مع المظلومين البائسين الذين يتساوون معاً امام الموت.
وما دام مالك الملك قد اختار الارض من الكون، واختار الانسان من الارض، ووهب له مكانة سامية، وأولاه الاهتمام والعناية، واختار الانبياء والأولياء والأصفياء من بين الناس، وهم الذين انسجموا مع المقاصد الربانية، وحبّبوا انفسهم اليه بالايمان والتسليم، وجعلهم أولياءه المحبوبين المخاطبين له، واكرمهم بالمعجزات والتوفيق في الأعمال وأدّب اعداءهم بالصفعات السماوية، واصطفى من بين

لايوجد صوت