الكلمات | الكلمة العاشرةالمقدمة | 130
(122-135)

هذا.
وما دام قلم القدرة الذي يكتب في فصل الربيع وفي صحيفة ضيقة صغيرة، مائة الف كتاب، كتابةً متداخلة بلا خطأ ولا نصب ولا تعب، كما هو واضح جليٌ امام اعيننا. وان صاحب ذلك القلم قد تعهّد ووعد مائة ألف مرة لأكتبنّ كتاباً اسهل من كتاب الربيع المكتوب أمامكم ولأكتبنّه كتابةً خالدة، في مكان اوسع وارحبَ وأجملَ من هذا المكان الضيق المختلط المتداخل.. فهو كتاب لا يفنى ابداً، ولأجعلنكم تقرأونه بحيرة واعجاب!. وانه سبحانه يذكر ذلك الكتاب في جميع أوامره، اي ان اصول ذلك الكتاب قد كُتبت بلا ريب، وستُكتب حواشيه وهوامشه بالحشر والنشور، وستدوّن فيه صحائف اعمال الجميع..
وما دامت هذه الارض قد اصبحت ذات اهمية عظمى من حيث احتواؤها على كثرة المخلوقات، ومئات الالوف من انواع ذوي الحياة والأرواح المختلفة المتبدلة، حتى صارت قلب الكون وخلاصته، ومركزه وزبدته ونتيجته وسبب خلقه. فذُكرت دائماً صنواً للسماوات كما في ﴿رَبُّ السَّموَاتِ وَالاَرْضِ﴾في جميع الأوامر السماوية...
وما دام ابن آدم يحكم في شتى جهات هذه الارض - التي لها هذه الماهيات والخواص - ويتصرف في اغلب مخلوقاتها مسخِّراً اكثر الاحياء له، جاعلاً اكثر المصنوعات تحوم حوله وفق مقاييسه وهواه، وحسب حاجاته الفطرية، وينظمها ويعرضها ويزيّنها، وينسّق الأنواع العجيبة منها في كل مكان بحيث لا يلفت نظر الانس والجن وحدهم، بل يلفت ايضاً نظر أهل السموات والكون قاطبة، بل حتى نظر مالك الكون، فنال الاعجاب والتقدير والاستحسان، وأصبحت له - من هذه الجهة - أهمية عظيمة، وقيمة عالية، فاظهر بما أوتي من علم ومهارة انه هو المقصود من حكمة خلق الكائنات، وأنه هو نتيجتها العظمى وثمرتها النفيسة، ولا غرو فهو خليفة الارض..وحيث أنه يعرض صنائع الخالق البديعة، وينظّمها بشكل جميل جذاب في هذه الدنيا، فقد اُجّل عذابه على عصيانه وكفره، وسُـمح له بالعيش في الدنيا واُمهل

لايوجد صوت