الشعور والحس، فهو خلاصة الشعور، والروح هي الجوهر الخالص الصافي للحياة، فهي ذاتها الثابتة المستقلة. كذلك الحياة المحمدية - المادية والمعنوية - مترشحة من الحياة ومن روح الكون، فهي خلاصة خلاصتها والرسالة المحمدية مترشحة من حسّ الكون وشعورهِ وعقلِه، فهي اصفى خلاصته، بل ان حياة محمدy - المادية والمعنوية - بشهادة آثارها حياة لحياة الكون، والرسالة المحمدية شعور لشعور الكون ونور له. والوحي القرآني بشهادة حقائقه الحيوية روح لحياة الكون وعقل لشعوره.. أجل ... أجل... أجل.
فاذا ما فارق نور الرسالة المحمدية الكون وغادره، مات الكون وتوفيت الكائنات، واذا ما غاب القرآن وفارق الكون، جنّ جنونه وفقدت الكرة الأرضية صوابها، وزلزل عقلها، وظلت بلا شعور، وأصطدمت باحدى سيارات الفـضاء، وقامت القيامة.
* * *
والحـيـاة كـذلك، تنظر الى الركـن الايماني (الـقـدر) وتدل عليــه وتثبـته رمــزاً؛ اذ ما دامت الحياة ضياءً لعالم الشهادة وقد استولت عليه وأحاطت به، وهي نتيجة الوجود وغايته، واوسع مرآةٍ لتجليات خالق الكون، وأتم فهرس ونموذج للفعالية الربانية، حتى كأنها بمثابة نوع من خطتها ومنهجها - اذا جاز التشبيه - فلابد أن سر الحياة يقتضي ان يكون عالم الغيب أيضاً - وهو بمعنى الماضي والمستقبل، أي المخلوقات الماضية والقابلة - في نظام وانتظام وان يكون معلوماً ومشــهوداً ومتـعيناً ومتهياً لإمـتـثـال الأوامر الـتـكوينـية، أي كــأنه في حـياة معنوية. مَثَلُها كمثل تلك البذرة الاصلية للشجرة وأصولها، والنوى والاثمار التي في منتهاها، التي تتميز بمزايا نوعٍ من الحياة كالشجرة نفسها. بل قد تحمل تلك البذور قوانين حياتية أدق من قوانين حياة الشجرة.
فكما أن البذور والأصول التي خلفها الخريف الماضي، وسيخلفها هذا الربيع تحمل نور الحياة وتسير وفق قوانين حياتية، مثل ما يحمله