الكلمات | الكلمة الحادية عشرة | 155
(154-168)

وأجملها، ونظّمه ونسقه بأدق دقائق فنون علمه وحكمته، فجهزه وحسّنه بالآثار المعجزة لخوارق علمه.
وبعد أن أتمه وكمله، أقام في القصر موائد فاخرة بهيجة تضم جميع أنواع أطعمته اللذيذة، وأفضل نِعَمه الثمينة، مخصصاً لكل طائفة ما يليق بها ويوافقها من الموائد، فأعدّ بذلك ضيافة فاخرة عامة، مبيناً سخاءاً وابداعاً وكرماً لم يشهد له مثيل، حتى كأن كل مائدة من تلك الموائد قد امتلأت بمئات من لطائف الصنعة الدقيقة وآثارها، بما مَدّ عليها من نِعمٍ غالية لا تحصى.
ثم دعا أهالي أقطار مملكته ورعاياه، للمشاهدة والتنزه والضيافة، وعلّم كبير رُسُل القصر المكرّمين ما في هذا القصر العظيم من حكمٍ رائعة، وما في جوانبه ومشتملاته من معان دقيقة، مخصصاً اياه معلماً رائداً واستاذاً بارعاً على رعيته، ليعلّم الناس عظمة باني القصر وصانع ما فيه من نقوش بديعة موزونة ، ومعرّفاً لكل الداخلين رموزَه وما تعنيه هذه المرصعات المنتظمة والاشارات الدقيقة التي فيه، ومدى دلالتها على عظمة صاحب القصر وكماله الفائق ومهارته الدقيقة. مبيناً لهم أيضاً تعليمات مراسيم التشريفات بما في ذلك آداب الدخول والتجول، وأصول السير وفق ما يرضي السلطان الذي لا يُرى إلاّ من وراء حجاب.
وكان هذا المعلم الخبير يتوسط تلامذته في أوسع دائرة من دوائر القصر الضخم وكان مساعدوه منتشرين في كلٍ من الدوائر الاخرى للقصر.
بدأ المعلم هذا بالقاء توجيهاته الى المشاهدين كافة قائلاً:
(ايها الناس ان سيدنا مليك هذا القصر الواسع البديع، يريد ببنائه هذا وباظهار ما ترونه أمام اعينكم من مظاهر، أن يعرّف نفسه اليكم، فاعرفوه واسعوا لحسن معرفته.
وانه يريد بهذه التزيينات الجمالية، أن يحبب نفسه اليكم، فحببوا أنفسكم اليه، باستحسانكم أعماله وتقديركم لصنعته.

لايوجد صوت