السادر في غفلته، وسوقاً له ليتخلى عن غروره وطغيانه الرهيب. ولتعريفه بربه الجليل الذي يعرض عنه. فاظهر سبحانه حكمته وقدرته وعدالته وقيوميته وإرادته وحاكميته اظهاراً جلياً. ولكن على الرغم من هذا فان شياطين حمقى ممن هم في صور اناسي، يتمردون في وجه تلك الاشارات الربانية الكلية والتربية الإلهية العامة للبشرية، تمرداً ببلاهة مشينة، اذ يقولون: انها عوامل طبيعية، انها انفجار مواد واخلاط معادن، انها مصادفات ليس الا، فقد تصادمت حرارة الشمس والكهرباء فاحدثت توقفاً في المكائن في امريكا لمدة خمس ساعات واحمرّ الجو في (قسطموني) حتى كأنه يلتهب.! الى آخر هذه الهذيانات التي لا معنى لها.
فالجهل المريع الناشئ من الضلال، والتمرد المقيت المتولد من الزندقة، يحولان دون ادراكهم ماهية الاسباب، التي هي حُجب وستائر (امام القدرة الإلهية) ليس الاّ.
اذ ترى احدهم ـ من جهله ـ يبرز اسباباً ظاهرية، ويقول: هذه الشجرة الضخمة للصنوبر ـ مثلاً ـ قد انشأتها هذه البذرة. منكراً معجزة صانعها الجليل. علماً انه لو احيلت الى الاسباب لما كفت مائة من المصانع لتكوين تلك الشجرة.
فابراز اسباب ظاهرية ـ مثل هذه ـ انما هو تهوين من شأن عظمة فعل الربوبية الجليلة المفعمة بالحكمة والاختيار.
وترى آخر يطلق اسماً علمياً على حقيقة مهمة يقصر العقل عن ادراك مداها وعمقها. فكأن تلك الحقيقة قد عرفت وعُلمت بمجرد وضع اسم عليها. وغدت مألوفة معتادة، لا حكمة فيها ولا معنى!
فتأمل في هذه البلاهة والحماقة التي لا منتهى لهما! اذ الحقيقة التي لا تسع مائة صحيفة لبيان حكمتها وتعريفها، كأن وضع هذا العنوان عليها جعلها معروفة مألوفة! وقولهم: هذا الشئ من هذا. وهذه الحادثة من مادة الشمس التي اصطدمت بالكهرباء.. جعل ذلك الشئ معروفاً وتلك الحادثة مفهومة!!