الكلمات | الكلمة السادسة عشرة | 252
(248-260)

وانت بعيد عنه سبحانه بعداً لا حد له. فان كانت لك قوة في القلب، وعلوٌ في العقل، فحاول ان تطبق النقاط الواردة في التمثيل على الحقيقة.
 الشعاع الثاني:
قوله تعالى: ﴿إنما امُره اذا اراد شيئاً أن يقول له كُن فيكون﴾(يس:82) وقوله تعالى:
﴿ان كانت الاّ صيحة واحدة فاذا هم جميعٌ لدينا محـضرون﴾(يس:53)
يا نفسي الغافلة! تقولين ان هذه الآيات الكريمة وامثالها تفيد ان الاشياء خلقت بمجرد أمر إلهي، وظهرت للوجود دفعة واحدة، بينما الآيات الكريمة الآتية: ﴿صُنعَ الله الذي أتقنَ كلَّ شيء﴾ (النمل:88) و ﴿أحسنَ كلَّ شيءٍ خَلَقَه﴾ (السجدة:7) وامثالها من الآيات تبين ان الاشياء وجدت تدريجياً، بقدرة عظيمة، وعلم محيط، واتقان في الصُنع ضمن حكمة بالغة. فاين وجه التوفيق بينهما؟
الجواب: نقول مستندين الى فيض القرآن:
اولاً: لا منافاة بين الآيات. اذ قسم من الموجودات يخلق كما في الآيات الاولى، كالايجاد في البدء، وقسم آخر يكون كما في الآيات التالية كإعادة المثل.
ثانياً: ان ما يشاهد في الموجودات من منتهى النظام وغاية الاتقان ومنتهى الحسن في الصنعة وكمال الخلقة، ضمن سهولة وسرعة وكثرة وسعة، يشهد بوجود حقائق هذين القسمين من الآيات شهادة مطلقة. لذا لا داعي لأن يكون مدار البحث تحقق هذه الامور في الخارج. وانما يصح ان يقال: ما سر حكمة هذين القسمين من الايجاد والخلق؟
لذا نشير الى هذه الحكمة بقياس تمثيلي؛ فنقول مثلاً:
ان صانعاً ماهراً ـ كالخياط مثلاً ـ يصرف مبالغ ويبذل جهداً ويزاول مهارة وفناً، لكي يوجد شيئاً جميلاً يخص صنعته، فيعمل منه انموذجاً (موديلاً) لمصنوعاته، اذ يمكنه ان يعمل امثال تلك الصنعة

لايوجد صوت