اي ان السلطان قريب من ذلك الجندي باسمه وحكمه وقانونه وعلمه وهاتفه وتدبيره، وان كان ذلك السلطان نورانياً ومن الاولياء الأبدال، فانه يكون قريباً اليه بحضوره بالذات، اذ لا يمنع شيء من ذلك ولا يحول دونه شئ. ومع أن ذلك الجندي بعيد عن السلطان، غاية البعد وهناك الالوف من المراتب التي تحول بينه وبين السلطان وهناك الالوف من الحجب تفصله عنه، ولكن السلطان يشفق احياناً على أحد الجنود فيأخذه الى حضور ديوانه ـ خلاف المعتاد ـ ويسبغ عليه من افضاله وألطافه.
(ولله المثل الاعلى) فالمالك لأمر ﴿كن فيكون﴾ المسخّر للشموس والنجوم كالجنود المنقادة، فهو سبحانه وتعالى اقرب الى كل شئ من اي شئ كان، مع ان كل شئ بعيد عنه بعداً لا حدود له.
واذا اريد الدخول الى ديوان قربه وحضوره المقدس بلا حجاب، فانه يستلزم المرور من بين سبعين الف حجاب من الحجب النورانية والمظلمة، اي المادية والكونية والاسمائية والصفاتية، ثم الصعود الى كل اسم من الاسماء الذي له الوف من درجات التجليات الخصوصية والكلية والمرور الى طبقات صفاته الجليلة والرفيعة ثم العروج الى عرشه الاعظم الذي حظي بالاسم الاعظم. فان لم يكن هناك جذب ولطف إلهي يلزم الوفاً من سنيّ العمل والسلوك.
مثال: اذا أردت أن تتقرب اليه سبحانه باسم (الخالق) فعليك الارتباط وتكوين علاقة اولاً من حيث انه خالقك الخاص، ثم من حيث انه خالق جميع الناس، ثم بعنوان انه خالق جميع الكائنات الحية، ثم باسم خالق الموجودات كلها. لذا فان لم تتدرج هكذا تبقى في الظل ولاتجد الاّ جلوة جزئية.
تنبيه: ان السلطان المذكور في المثال السابق قد وضع في مراتب اسم القيادة وسائط كالمشير والفريق، وذلك لعجزه عن القيام بالاعمال بنفسه. أما الذي بيده ملكوت كل شيء، وذلك القدير، فهو مستغن عن الوسائط، بل ليست الوسائط الاّ اموراً ظاهرية بحتة. تمثل ستار العزة