الكلمات | الكلمة الثانية والعشرون | 365
(362-378)

معجزة خارقة. وما هذه الا سفسطة لا معنى لها!
 البرهان الثاني
تعال معي يا صاحبي لنُمعِن النظر في هذه الاشياء التي تزيّن الميادين والساحات، ففي كل زينة منها أمور تخبرنا عن ذلك المالك وتدلنا عليه. كأنها سكّتُه وختمهُ. كما تدلنا طغـراء السـلـطـان وختـمـه على وجـوده، وتنبـئنا سـكّته التي علـى مســكوكاته عن عظمته وهيبته. فان شئت فانظر الى هذا الجسـم الصغير جداً الذي لا يكاد الانسان يعرف له وزناً(3)، قد صنع منه المولى اطوالاً من نسيج ملون بالوان زاهية ومزركش بزخارف باهرة، ويُخرج منه ما هو ألذّ من الحلويات والمعجنات المعسلة، فلو لبس آلافٌ من أمثالنا تلك المنسوجات وأكل من تلك المأكولات لما نفدت.
ثم أنظر، انه يأخذ بيده الغيبية هذا الحديد والتراب والماء والفحم والنحاس والفضة والذهب ويصنع منها جميعاً قطعة لحم(1).
فيا أيها الغافل.. هذه الأشياء والافعال انما تخصّ بمن زمام هذه المملكة بيده، ومَن لا يعزُب عنه شئ، وكل شئ منقاد لإرادته.
 البرهان الثالث
تعال لننظر الى مصنوعاته العجيبة المتحركة(2). فقد صُنع كلّ منها كأنه نسخةٌ مصغرةٌ من هذا القصر العظيم، اذ يوجد فيه ما في القصر كله. فهل يمكن ان يُدرج أحدٌ هذا القصر مصغّراً في ماكنةٍ دقيقة غير صانعه البديع؟ أو هل يمكن أن ترى عبثاً أو مصادفة في عالَمٍ ضُمَّ داخل ماكنة صغيرة؟ 
(3) اشارة الى البذور المتنوعة، فبذور البطيخ والخوخ وغيرها تنسج اوراقاً اجمل من اجود قماش، وتقدم لنا ثماراً طيبة هي ألذ من الحلوى تأتي بها من خزينة الرحمة الالهية.ــ المؤلف.
(1) اشارة الى خلق جسم الحيوان من العناصر، والى ايجاد الكائن الحي من النطفة.ـــ المؤلف.
(2) اشارة الى الحيوانات والانسان، لأن الحيوان فهرسٌ مصغّر لهذا العالم، والماهية الانسانية مثال مصغر للكائنات، فما من شيء في العالم الاّ ونموذجه في الانسان.ــ المؤلف.

لايوجد صوت