الكلمات | الكلمة الثانية والعشرون | 369
(362-378)

ككتابة حرف واحد. ثم تأمل يا أخي في الأرجاء كافة ترى ان الصانع الاعظم قد وضع بحكمةٍ تامة كلّ شئ في موضعه اللائق به. وأسبغ على كل شئ نِعَمه وكرمه بلطفه وفضله العميم. وكما يفتح أبواب نعمه وآلائه العميمة أمامَ كل شئ، يسعف رغبات كل شئ ويرسل اليه ما يطمئنه.
وفي الوقت نفسه ينصب موائد فاخرة عامرة بالسخاء والعطاء بل ينعم على مخلوقات هذه المملكة كافة من حيوان ونبات نِعَماً لا حدّ لها، بل يرسل الى كل فرد باسمه ورسمه نعمتَه التي تلائمه دون خطأ أو نسيان. فهل هناك محال أعظم من أن تظن ان في هذه الأمور شيئاً من المصادفة مهما كان ضئيلاً؟ أو فيه شيئاً من العبث وعدم الجدوى؟ أو أن احداً غير الصانع البديع قد تدخل في أمور المملكة؟ أو أن يُتصوَّر أن لا يدين له كل شئ في ملكه؟.. فهل تقدر يا صديقي أن تجد مبرراً لأنكار ما تراه؟..
 البرهان السابع
لنَدَع الجزئيات يا صاحبي، ولنتأمل في هذا العالم العجيب، ولنشاهد أوضاع اجزائه المتقابلة بعضها مع البعض الآخر.. ففي هذا العالم البديع من النظام الشامل والانتظام الكامل كأن كل شئ فاعل مختار حي يشرف على نظام المملكة كلها، ويتحرك منسجماً مع ذلك النظام العام. حتى ترى الأشياء المتباعدة جداً يسعى الواحد منها نحو الآخر للتعاون والتآزر.
أنظر! ان قافلة مهيبة تنطلق من الغيب(1) مُقبلةً علينا. فهي قافلة تحمل صحون ارزاق الاحياء.. ثم أنظر الى ذلك المصباح الوضئ(2) المعلق في قبة المملكة فهي تنير الجميع وتُنضج المأكولات المعلقة بخيط دقيق(3) والمعروضة أمامه بيدٍ غيبية. الا تلتفت معي الى هذه

(1) وهي قافلة النباتات الحاملة لأرزاق الأحياء كافة. – المؤلف.
(2) اشارة الى الشمس.ــ المؤلف.
(3) اشارة الى اغصان الشجرة الدقيقة الحاملة للأثمار اللذيذة. - المؤلف

لايوجد صوت