الكلمات | الكلمة الرابعة والعشرون | 467
(436-486)

بلغوا المقاصد الإلهية السامية وغاياتها الرفيعة العالية.
ثم ان الرؤية ان كانت من زاويتين مختلفتين، فلاشك من ظهور حقيقتين متباينتين، وقد تكون كلتاهما حقيقة. وحتماً لا تتعارض حقيقة علمية قاطعة مع حقائق النصوص القرآنية المقدسة، اذ اليد القصيرة للعلم التجريبي قاصرة عن بلوغ اهداب طرفٍ من حقائق القرآن الرفيعة المنزهة. وسنورد مثالاً واحداً فقط على هذا:
حقيقة الكرة الارضية في نظر أهل العلم هي:
انها احدى السيارات ذات الحجم المتوسط، تدور حول الشمس، وهي جرم صغير قياساً للكواكب والنجوم التي لا تعد ولا تحصى.
اما اذا نظرنا الى الكرة الارضية بنظر اهل القرآن، فحقيقتها هي كما وضحتها (الكلمة الخامسة عشرة):
ان الانسان الذي هو ألطف ثمرة العالم، ومعجزة جامعة من معجزات القادر الحكيم، وأبدع المخلوقات واعزها وألطفها، مع انه أعجزها وأضعفها.. هذا الانسان يعيش على هذه الارض، فالارض اذن مهدٌ لهذا الانسان، فهي مع صغرها وحقارتها قياساً الى السموات عظيمة وجليلة من حيث المعنى والمغزى والابداع؛ حتى اصبحت بالمنظور القرآني:
قلب الكون ومركزه من حيث المعنى.. ومعرض جميع المصنوعات المعجزة.. وموضع تجلي الاسماء الحسنى كلها، حتى لكانها البؤرة الجامعة لتلك الانوار.. ومحشر الافعال الربانية المطلقة ومرآتها.. وسوق واسع لإبراز الخلاقية الإلهية المطلقة، ولا سيما ايجادها الكثرة الهائلة من النباتات والحيوانات الدقيقة بكل جود وكرم.. ونموذج مصغر لمصنوعات عالم الآخرة الواسع الفسيح.. ومصنع يعمل بسرعة قصوى لانتاج منسوجات خالدة.. وموضع عرض لنماذج المناظر السرمدية المتبدلة بسرعة فائقة.. ومزرعة ضيقة مؤقتة لاستنبات بُذيرات تربّى بسرعة للبساتين الخالدة الرائعة.
لهذا كله يجعل القرآن الكريم الارض صنواً للسموات، من حيث عظمتها معنىً واهميتها صنعةً.وكأنها ثمرة صغيرة لشجرة ضخمة،

لايوجد صوت