الكلمات | الكلمة الخامسة والعشرون | 536
(487-598)

أشكل في فهمها.
ومثلاً:
﴿الذي جعل لكم من الشجر الاخـضر ناراً﴾(يس: 80)
ففي معرض ردّ القرآن على الانسان العاصي الذي يتحدى الخالق بقوله: ﴿مَن يحيى العظام وهي رميم﴾(يس: 78) يقول ﴿قل يحييها الذي أنشأها أول مرة وهو بكل خلق عليم﴾(يس 79) ويقول أيضاً ﴿الذي جعل لكم من الشجر الاخضر ناراً﴾ قادر على أن يحيى العظام وهي رميم.
فهذا الكلام يتوجه الى دعوى الاحياء من عدة جهات ويثبتها. إذ إنه يبدأ من سلسلة الاحسانات التي احسن الله بها الى الانسان فيذكّره بها ويثير شعوره، إلاّ انه يختصرالكلام لأنه فصّله في آيات اخرى، ويوجزه محيلاً اياه على العقل. أي: أن الذي منحكم من الشجر الثمرَ والنار، ومن الاعشاب الرزقَ والحبوب ، ومن التراب الحبوبَ والنباتات، قد جعل لكم الارض مهداً، فيها جميع ارزاقكم، والعالم قصراً فيه جميع لوازم حياتكم، فهل يمكن ان يترككم سدىً فتفروا منه، وتختفوا عنه في العدم؟ فلا يمكن أن تكونوا سدىً فتدخلوا القبر وتناموا براحة دون سؤال عما كسبتم ودون احيائكم؟.
ثم يشير الى دليل واحد لتلك الدعوى: فيقول رمزاً بكلمة ﴿الشجر الاخضر﴾ ايها المنكر للحشر! انظر الى الاشجار! فإن مَن يحيى اشجاراً لاحدّ لها في الربيع بعد أن ماتت في الشتاء واصبحت شبيهة بالعظام.. ويجعلها مخضرّة ، بل يُظهر في كل شجرة ثلاثة نماذج من الحشر؛ في الاوراق والازهار والاثمار.. ان هذا القدير لا تُتحدّى قدرتُه بالانكار ولا يُستبعد منه الحشر.
ثم يشير الى دليل آخر ويقول:
ان الذي اخرج لكم النار، تلك المادة الخفيفة النورانية، من الشجر

لايوجد صوت