الكلمات | الكلمة الخامسة والعشرون | 533
(487-598)

القيمة بكل إبداع واحسان وتنسيق وتنظيم ذلكم الصانع الجليل والمنعم المحسن، مَن غيرُهُ يليق أن يكون صاحب هذا البيان، بيان القرآن الكريم الذي ملأ الدنيا بالتقدير والتعظيم والاستحسان والاعجاب والحمد والشكر حتى جعل الارض رباط ذكر وتهليل،ومسجداً يرفع فيه اسم الله ومعرضاً لبدائع الصنعة الإلهية؟ ومَن يكون غيرُه صاحب هذا الكلام؟ ومَن يمكنه ان يدّعى ان يكون صاحبه؟ فهل يليق للضياء الذي ملأ الدنيا نوراً ان يعود لغير الشمس؟ وبيان القرآن الذي كشف لغز العالم ونوّره، نور مَن يكون غير نور من خلق السموات والارض؟ فمن يجرؤ ان يقلّده ويأتي بنظيرِ له؟
حقاً، ان الصانع الذي زيّن بابداع صنعته هذه الدنيا، محال الاّ يتكلم مع هذا الانسان المبهور بصُنعهِ وابداعه، فما دام انه يفعل ويعلم فلابد انه يتكلم، وما دام انه يتكلّم فلا يليق بكلامه إلاّ القرآن. فمالك الملك الذي يهتم بتنظيم زهرة صغيرة كيف لا يبالي بكلام حوّل مُلكه الى جذبة ذكر وتهليل؟ أيمكن أن يُنزّل من قدر هذا الكلام بنسبته الى غيره؟.
اللمعة الخامسة:
الجامعية الخارقة في اسلوبه وايجازه
(في هذه اللمعة خمسة اضواء)
الضوء الاول:
ان لأسلوب القرآن جامعية عجيبة، حتى ان سورة واحدة تتضمن بحر القرآن العظيم الذي ضم الكون بين جوانحه، وان آية واحدة تضم خزينة تلك السورة. وان اكثر الايات - كل منها - كسورة صغيرة، واكثر السور - كل منها - كقرآن صغير. فمن هذا الايجاز المعجز ينشأ لطف عظيم للارشاد وتسهيل واسع جميل. لأن كل انسان على الرغم من حاجتـه الى تــلاوة القــرآن كل وقــت، فانه قــد لا يتاح له تلاوته، اما لغباوته وقصور فهمه أو لأسباب اخرى. فلكي لا يُحرم أحدٌ من القرآن فان كل سورة في حكم قرآن صغير، بل كل آية طويلة

لايوجد صوت