دخان﴾(فصلت: 11) الى انشقاق السماء وانكدار النجوم وانتشارها في الفضاء الذي لايحد، ومن انفتاح الدنيا للامتحان الى انتهاء الاختبار، ومن القبر الذي هو أول منزل من منازل الآخرة والبرزخ والحشر والصراط الى الجنة والسعادة الابدية، ومن وقائع الزمان الماضي الغابر من خلق آدم عليه السلام وصراع إبنَيْهِ الى الطوفان، الى هلاك قوم فرعون وحوادث جليلة لأغلب الانبياء عليهم السلام، ومن الحادثة الازلية في ﴿ألستُ بربكم﴾(الاعراف: 172) الى ﴿وجوه يومئذ ناضرة الى ربها ناظرة﴾(القيامة:22-23) التي تفيد الابدية.
فجميع هذه المباحث الاساسية والمهمة تُبين في القرآن بياناً واضحاً يليق بذات الله الجليلة سبحانه الذي يدير الكون كله كأنه قصر ويفتح الدنيا والآخرة كغرفتين يفتح احداهما ويسد الاخرى بسهولة ، ويتصرف في الارض تصرفه في بستان صغير، وفي السماء كأنها سقف مزيّن بالمصابيح ، ويطّلع على الماضي والمستقبل كصحيفتين حاضرتين امام شهوده كالليل والنهار ويشاهد الازل والابد كاليوم وامس، يشاهدهما كالزمان الحاضر الذي اتصل فيه طرفا سلسلة الشؤون الإلهية . فكما ان معمارياً يتكلم في بناءين بناهما وفي إدارتهما ويجعل للاعمال المتعلقة بهما صحيفة عمل وفهرس نظام؛ فالقرآن الكريم كذلك كلام مبين يليق بمن خلق هذا الكون ويديره وكتب صحيفة اعماله وفهارس برامجه - إن جاز التعبيـر - واظهرهــا. فلا يُشاهَد فيه اثرٌ من تصَـنّع وتكلّف باي جهة كانت كما لا أمارة قطعاً لشائبة تقليد أي كلامٍ عن أحد وفرض نفسه في موضع غير موضعه وامثــالها من الخــدع. فهو بكل جديته، وبكل صفائه، وبكل خلوصه صافٍ بـراق ساطع زاهر، اذ مثلما يقول ضوء الشمس: انا منبعث من الشمس فالقرآن كذلك يقول: (انا كلام رب العالمين وبيانه).
نعم ان الذي جمّل هذه الدنيا وزينها بصنائعه الثمينة وملأها باطايب نعمه الشهية ونشر في وجه الارض بدائع مخلوقاته ونعمه