الكلمات | الكلمة الخامسة والعشرون | 547
(487-598)

اكثر كلما مرت العصور.
نعم، ان هذا العصر الذي اغترّ بنفسه وأصمَّ اذنيه عن سماع القرآن اكثر من أي عصر مضى، واهل الكتاب منهم خاصة، أحوج ما يكونون الى ارشاد القرآن الذي يخاطبهم بـ (يا اهل الكتاب.. يا اهل الكتاب) حتى كأن ذلك الخطاب موجّه الى هذا العصر بالذات إذ إن لفظ (اهل الكتاب) يتضمن معنى: اهل الثقافة الحديثة ايضاً!
فالقرآن يطلق نداءه يدوّي في اجواء الآفاق ويملأ الارض والسبع الطباق بكل شدة وقوة وبكل نضارة وشباب فيقول:
﴿يا أهل الكتاب تعالَوا الى كلمة سواء بيننا وبينكم..﴾(آل عمران 64)
فمثلاً: ان الافراد والجماعات مع انهم قد عجزوا عن معارضة القرآن إلاّ أن المدنية الحاضرة التي هي حصيلة افكار بني البشر وربما الجن ايضاً قد اتخذت طوراً مخالفاً له واخذت تعارض اعجازه باساليبها الساحرة. فلأجل اثبات اعجاز القرآن بدعوى الآية الكريمة ﴿قل لئن اجتمعت الانس والجن..﴾ لهذا المعارض الجديد الرهيب نضع الاسس والدساتير التي اتت بها المدنية الحاضرة امام اسس القرآن الكريم.
ففي الدرجة الاولى: نضع الموازنات التي عقدت والموازين التي نصبت في الكلمات السابقة، ابتداءاً من الكلمة الاولى الى الخامسة والعشرين، وكذا الآيات الكريمة المتصدرة لتلك الكلمات والتي تبين حقيقتها، تثبت إعجاز القرآن وظهوره على المدنية الحاضرة بيقين لا يقبل الشك قطعاً.
وفي الدرجة الثانية: نورد اجمالاً قسماً من دساتير المدنية والقرآن التي وضحته واثبتته (الكلمة الثانية عشرة).
فالمدنية الحاضرة تؤمن بفلسفتها: ان ركيزة الحياة الاجتماعية البشرية هي (القوة) وهي تستهدف (المنفعة) في كل شئ. وتتخذ (الصراع) دستوراً للحياة. وتلتزم بالعنصرية والقومية السلبية رابطةً للجماعات. وغايتها هي (لهو عابث) لإشباع رغبات الاهواء وميول

لايوجد صوت