الكلمات | الذيل الثاني | 617
(609-627)

للتوحيد والايمان والاخرة. فترى أن ذلك المقام الواضح السلس يتنور ويسمو بتلك الفواصل الختامية. «ولقد بينت (رسائل النور) واثبتت حتى للمعاندين مدى البلاغة العالية والميزات الراقية وانواع الجزالة السامية الدقيقة الرفيعة في تلك الفذلكات والفواصل وذلك في عشر مميزات ونكت في النور الثاني من الشعلة الثانية للكلمة الخامسة والعشرين الخاصة باعجاز القرآن». فان شئت فانظر الى ﴿ان الله على كل شيء قدير﴾، ﴿ان الله بكل شيء عليم﴾ ﴿وهو العزيز الحكيم﴾ ﴿وهو العزيز الرحيم﴾ وامثالها من الآيات التي تفيد التوحيد وتذكر بالاخرة، والتي تنتهي بها اغلب الآيات الكريمة، ترَ أن القرآن الكريم عند بيانه الاحكام الشرعية الفرعية والقوانين الاجتماعية يرفع نظر المخاطب الى آفاق كلية سامية، فيبدل ـ بهذه الفواصل الختامية - ذلك الأسلوب السهل الواضح السلس اسلوباً عالياً رفيعاً، كأنه ينقل القارئ من درس الشريعة الى درس التوحيد. فيثبت أن القرآن: كتاب شريعة واحكام وحكمة، كما هو كتاب عقيدة وايمان، وهو كتاب ذكر وفكر، كما هو كتاب دعاء ودعوة.
وهكذا ترى أن هناك نمطاً من جزالة معجزة ساطعة في الآيات المدنية هو غير بلاغة الآيات المكية، حسب اختلاف المقام وتنوع مقاصد الأرشاد والتبليغ.
فقد ترى هذا النمط في كلمتين فقط : ﴿ربك﴾ و ﴿رب العالمين﴾ إذ يعلّم الأحدية بتعبير ﴿ربك﴾ ويعلّم الواحدية بـ ﴿رب العالمين﴾، علما ان الواحدية تـتضمن الأحدية.
بل قد ترى ذلك النمط من البلاغة في جملة واحدة فيريك في آية واحدة مثلا نفوذ علمه الى موضع الذرة في بؤبؤ العين وموقع الشمس في كبد السماء، واحاطة قدرته التي تضع بالآلة الواحدة كلاً في مكانه، جاعلة من الشمس كأنها عين السماء فيعقب ﴿وهو عليم بذات

لايوجد صوت