الكلمات | الذيل الثاني | 620
(609-627)

بلاغتها شئ.
وهكذا ترى أن القرآن الكريم الذي يعالج امثال هذه المسائل القيمة ويسعى لاقناع المخاطبين بها باقامة الحجج الدامغة، يعمق في الأذهان والقلوب تلك التحولات العظيمة والتبدلات الضخمة في الكون، ويجعلها أمامهم سهلة واضحة كتبدل المنزل وتغير شكله. فلابد أن لفت الأنظار الى أمثال هذه المسائل - صراحة وضمناً واشارة - بالوف المرات ضروري جداً بل هو كضرورة الإنسان الى نعمة الخبز والهواء والضياء التي تتكرر حاجته اليها دائماً.
 ومثلاً: ان حكمة تكرار القرآن الكريم: ﴿والذين كفروا لهم نار جهنم﴾ (فاطر:36) ﴿ان الظالمين لهم عذاب أليم﴾ (ابراهيم:22) وأمثالها من آيات الانذار والتهديد. وسوقها باسلوب في غاية الشدة والعنف، هي (مثلما اثبتناها في رسائل النور اثباتاً قاطعاً):
ان كفر الانسان انما هو تجاوز - أيّ تجاوز - على حقوق الكائنات واغلب المخلوقات، مما يثير غضب السماوات والارض، ويملأ صدور العناصر حنقاً وغيظاً على الكافرين، حتى تقوم تلك العناصر بصفع اولئك الظالمين بالطوفان وغيره. بل حتى الجحيم تغضب عليهم غضباً تكاد تتفجر من شدته كما هو صريح الآية الكريمة : ﴿ اذا القوا فيها سمعوا لها شهيقاً وهي تفور  تكاد تميز من الغيظ..﴾(الملك: 7-8). فلو يكرر سلطان الكون في اوامره تلك الجناية العظمى (الكفر) وعقوبتها باسلوب في غاية الزجر والشدة ألوف المرات، بل ملايين المرات، بل مليارات المرات لما عد ذلك اسـرافاً مــطلقاً ولا نقصاً في البلاغــة، نظراً لضخامة تلك الجناية العامة وتجاوز الحقوق غير المحدودة، وبناء على حكمة اظهار اهمية حقوق رعيته سبحانه وابراز القبح غير المتناهي في كفر المنكرين وظلمهم الشنيع. اذ لا يكرر ذلك لضآلة الأنسان وحقارته بل لهول تجاوز الكافر وعظم ظلمه.
ثم اننا نرى ان مئات الملايين من الناس منذ الف ومئات من

لايوجد صوت