معرفة: ماذا يريد منا ربنا؟ فالمحادثات والمحاورات كانت تتضمن هذه المعاني، والظروف والاحداث تجري في ضوئها.
وحيث ان كل شئ في ذلك الوقت وكل حال وكل محاورة ومجالسة ومحادثة وحكاية تجري بما يرشد الى تلك المعاني ويدل عليها، لذا كانت - تلك الظروف - تكمل قابليات الصحابة الكرام وتنور افكارهم وتهئ استعداداتهم لقدح زنادها للاجتهاد واستنباط الاحكام، اذ كانوا يكسبون من الملكة على الاستنباط والاجتهاد في يوم واحد او في شهر واحد ما لا يمكن ان يحصل عليها في هذا الوقت من هو في مستوى ذكائهم واستعدادهم في عشر سنوات، بل في مائة سنة، لان الانظار في الوقت الحاضر متوجهة الى نيل حياة دنيوية رغيدة دون سعادة الآخرة الابدية وحياة النعيم المقيم فيها، فالانظار مصروفة عنها. فهموم العيش التي تتضاعف بعدم التوكل على الله تلقي ثقلها على روح الانسان وتجعلها في اضطراب وقلق، والفسلفة المادية والطبيعية تكل العقل وتعمي البصيرة. فترى المحيط الاجتماعي الحاضر مثلما لا يمد ذهن ذلك الشخص (الذكي) ولا يؤازر استعداده الفطري نحو الاجتهاد فضلاً عن انه يشتته ويرهقه اكثر.
ولقد عقدنا موازنة في رسالة (الاجتهاد) بين سفيان بين عيينة ومَن هو في مستوى ذكائه في هذا العصر، وخلصنا من الموازنة الى ان ما حصل عليه سفيان في عصره من القدرة على الاستنباط في عشر سنوات لا يمكن ان يحصل عليه من هو بمستوى ذكائه في هذا العصر في مائة سنة.
الوجه الثاني:
لا يمكن اللحاق بالصحابة الكرام في قربهم من الله بخطى الولاية؛ ذلك لان الله سبحانه وتعالى هو اقرب الينا من حبل الوريد، اما نحن فبعيدون عنه بعداً مطلقاً، والانسان يمكنه ان ينال القرب منه بالصورتين الآتيتين:
الصورة الاولى: من حيث انكشاف اقربيته سبحانه وتعالى للعبد.