الكلمات | ذيلرسالة الاجتهاد | 671
(664-677)

فقرب النبوة اليه تعالى هو من هذا الانكشاف. والصحابة الكرام من حيث انهم ورثة النبوة والصحبة النبوية يحظون بهذا الانكشاف.
الصورة الثانية: من حيث بُعدنا عنه سبحانه، فالتشرف بشئ من قربه سبحانه يكون بقطع المراتب اليه. واغلب طرق الولاية، وما فيها من سير وسلوك تجري على هذه الصورة سواء منها السير الانفسي او الافاقي.
فالصورة الاولى التي هي انكشاف اقربيته سبحانه - اي قربه سبحانه من العبد - هبة محضة منه تعالى وليس كسباً قط، بل هو انجذاب إلهي وجذب رحماني، ومحبوبية خالصة. فالطريق قصير، الا انه ثابت رصين، وهو عال رفيع سام جداً، وخالص طاهر لا ظل فيه ولا كدر.
اما الصورة الاخرى من التقرب الى الله، فهي كسبية، طويلة، فيها شوائب وظلال، ورغم ان خوارقها كثيرة فانها لا تبلغ الصورة الاولى من حيث الاهمية والقرب منه تعالى.
ولنوضح ذلك بمثال:
لاجل ادراك الامس من هذا اليوم هناك طريقان:
الاول: الانسلاخ من وقائع الزمن وجريانه بقوة قدسية، والعروج الى ما فوق الزمان، ورؤية امس حاضراً كاليوم.
اما الثاني: فهو قطع مسافة سنة كاملة لملاقاة الامس من جديد، ومع ذلك لا يمكن ان تمسك به، لانه يدعك ويمضي.
وهكذا الامر في النفوذ من الظاهر الى الحقيقة، فانه بصورتين:
الاولى: الانجذاب الى الحقيقة مباشرة ووجدان الحقيقة في عين الظاهر المشاهد، من دون الدخول الى برزخ الطريقة.
الثانية: قطع مراتب كثيرة بالسير والسلوك.
فاهل الولاية رغم انهم يوفقون الى فناء النفس الامارة بالسوء ويقتلونها، فانهم لا يبلغون مرتبة الصحابة الكرام، لان نفوس الصحابة كانت مزكاة ومطهرة، فنالوا كثيراً من انواع العبادة وضروباً مختلفة من الوان الشكر والحمد باجهزة النفس العديدة، بينما

لايوجد صوت