الرحمة والاحسان غير النهائي يقتضيان دوام تنعم شاكريهما المحتاجين.. فذلك المشتاق الذي هو كالمرآة المصقولة.. وذلك المنادي المتفكر..وذلك الشاكر المحتاج، ان هو الاّ روح الانسان اولاً؛ لذا فالروح باقية بصحبة ذلك الجمال وذلك الكمال وتلك الرحمة.. في طريق الخلود والأبدية.
وأثبتنا كذلك في الحقيقة السادسة من (الكلمة العاشرة) أنه:
ليست الروح البشرية وحدها لم تخلق للفناء، بل حتى أبسط المخلوقـات كذلك لم تخلق للفناء بل لها نوع من البقاء، فالزهرة البسيطة - مثلاً ـ التي لا تملك روحاً مثلنا، هي ايضاً عندما ترحل ظاهراً من الوجود تبقى صورتها محفوظة في كثير من الأذهان، كما يدوم قانون تراكيبها في مئات من بُذيراتها المتناهية في الصغر، فتمثل بذلك نموذجاً لنوع من البقاء بالآف من الأوجه.
وما دام نموذج صورة الزهرة وقانون تركيبها - المشابه جزئياً بالروح - باقياً ومحفوظاً من قبل الحفيظ الحكيم في بذيراتها الدقيقة بكل انتظام في خضم التقلبات الكثيرة فلاشك ان روح البشر التي هي قانون أمري نوراني تملك ماهية سامية، وهي ذات حياة وشعور، وخصائص جامعة شاملة جداً وعالية جداً، وقد اُلبست وجوداً خارجياً، لابدّ انها باقية للأبد، ومشدودة بالسرمدية، وذات ارتباط مع الخلود دون أدنى شك. وكيف تدعي ان لم تفهم هذا: انني انسان واعٍ..؟.
فهل يمكن ان يُسأل الحكيم ذو الجلال والحفيظ الباقي الذي أدرج تصميم الشجرة الباسقة وحفظ قانون تركيبها الشبيه بالروح في بذرة متناهية في الصغر: كيف يحافظ على ارواح البشر بعد موتهم؟.
المنبع الأول: انفسي
أي أن كل من يدقق النظر في حياته ويفكر مليّاً في نفسه يدرك أن هناك روحاً باقيةً.
نعم. انه بديهي أن كل روح رغم التبدل والتغير الجاري على