الكلمات | الكلمة التاسعة والعشرون | 710
(688-734)

ان القوانين المتحكمة والسارية في الأنواع تتشابه مع الروح الى حدّ ما، إذ ان كليهما آتيان من عالم (الأمر والارادة). فهي تتوافق مع الروح بدرجة جزئية معينة لصدورهما من المصدر نفسه، فلو دققنا النظر في تلك النواميس والقوانين النافذة في الانواع التي ليس لها إحساس ظاهر، يظهر لنا أنه:
لو اُلبست هذه القوانين الأمرية وجوداً خارجياً لكانت اذاً بمثابة الروح لهذه الأنواع، اذ ان هذه القوانين ثابتة ومستمرة وباقية دائماً. فلا تؤثر في وحدتها التغيرات ولا تفسدها الانقلابات فمثلاً: اذا ماتت شجرة تين وتبعثرت فان قانون تركيبها ونشأتها الذي هو بمثابة روحها يبقى حيّاً في بذرتها المتناهية في الصغر. أي أن وحدة تلك القوانين لا تفسد ولا تتأثر ضمن جميع التغيرات والتقلبات. وطالما أن أبسط الأوامر القانونية السارية وأضعفها مرتبطة بالدوام والبقاء، فيلزم ان الروح الانسانية لا ترتبط مع البقاء فحسب بل مع أبد الآباد؛ لأن الروح بنص القرآن الكريم (مِنْ أمرِ ربّى) آتٍ من عالَم الأمر، فهو قانون ذو شعور وناموس ذو حياة، قد ألبسته القدرة الإلهية وجوداً خـارجياً. اذن فكما أن القوانين غير ذات الشعور الآتـية من عالم (الأمر) وصفة (الارادة) تظل باقية دائماً أو غالباً، فكذلك الروح - التي هي صنوها - آتـية من عـالم (الأمر) وهي تجلٍّ لصفة (الارادة) فــهي أليــق بالبقــاء وأصلح له. أي أن بقاءها أولى بالثبوت والقطعية؛ لأن لها وجوداً وامتلاكاً للحقيقة الخارجية، وهي أقوى من جميع القوانين وأعلى مرتبة منها، ذلك لأن لها شعوراً، وهي أدوم وأثمن قيمة منها لأنها تمتلك الحياة.

الأساس الثاني
ان هناك ضرورة ومقتضى للحياة الأخرى.. وان الذي يهب تلك الحياة والسعادة الابدية قادر مقتدر.. وان دمار العالم وموت الدنيا ممكن.. وانه سيقع فعلاً.. وان الحشر وبعث العالم من جديد ممكن

لايوجد صوت