- كل ما في هذه الكائنات من الحِكَم والفوائد الثابتة البديهية.
نقتصر على هذا مكتفين بالحقيقة العاشرة (للكلمة العاشرة) فقد أظهرت هذه الحقيقة كالشمس.
المدار الثالث:
لقد ثبت عقلاً وحكمةً واستقراءً وتجربةً: ان لا عبثية ولا اسراف في خلق الموجودات، وان عدمهما يشير الى السعادة الابدية والدار الآخرة. والدليل على انه ليس في الفطرة اسراف ولا في الخلق عبث، هو أن الخالق سبحانه وتعالى قد اختار لخلق كل شئ أقرب طريق، وأدنى جهة، وأرق صورة، وأجمل كيفية؛ فقد يسند الى شئ واحد مائة وظيفة، وقد يعلق على شئ دقيق واحد ألفاً من الغايات والنتائج. فما دام ليس هناك اسراف، ولا يمكن ان يكون هناك عبث فلابدّ ان تتحقق تلك الحياة الاخرى الأبدية. وذلك إن لم يكن هناك رجوع الى الحياة من جديد، فان العدم يحوّل كل شئ الى عبث، بمعنى ان كل شئ كان اسرافاً وهدراً. الاّ أن عدم الاسراف الثابت حسب علم وظائف الاعضاء في الفطرة جميعها - ومنها الانسان- ليبيّن لنا انه لا يمكن أن تذهب هباءً - فيكون اسرافاً - جميع الاستعدادات المعنوية، والآمال غير النهائية، والأفكار والميول.. حيث أن الميل الأصيل الى التكامل المغروس في اعماق الانسان يفصح عن وجود كمال معين، وأن ميله وتطلّعه الى السعادة يعلن اعلاناً قاطعاً عن وجود سعادة خالدة وانه المرشح لهذه السعادة.
فان لم يكن الأمر هكذا، فالمعنويات الرصينة والآمال الراقية السامية التي تؤسس ماهية الانسان الحقيقية تكون كلها - حاشَ لله - اسرافاً وعبثاً وتذهب هباءً، خلافاً للحكمة الموجودة في جميع الخلق.
نكتفي هنا بهذا القدر لأننا قد أثبتناها سابقاً في الحقيقة الحادية عشرة من (الكلمة العاشرة).
المدار الرابع
ان التبدلات والتحولات التي تحدث في كثير من الأنواع، حتى في