ايضاً.. وانه ستقع هذه الواقعة فعلاً.
فهذه ست مسائل سنبيّنها بالتعاقب باختصار يقنع العقل، علماً أننا قد سقنا في (الكلمة العاشرة) براهين جعلت القلوب ترقى الى مرتبة الايمان الكامل، ولكننا هنا نبحثها فحسب بما يقنع العقل ويبهته كما فعل (سعيد القديم) في رسالة (نقطة من نور معرفة الله).
نعم! ان هناك ما يقتضي الحياة الأخرى، وان هناك مبرراً للسعادة الابدية، وان البرهان القاطع الدّال على هذه الضرورة حدسٌ يترشح من عشرة ينابيع ومدارات:
المدار الأول:
اذا تأملنا في أرجاء الكون نرى ان هناك نظاماً كاملاً وتناسقاً بديعاً مقصوداً في جميع أجزائه. فنشاهد رشحات الارادة والاختيار، ولمعات القصد في كل جهة.. حتى نبصر نور (القصد) في كل شئ، وضياء (الارادة) في كل شأن، ولمعان (الأختيار) في كل حركة، وشعلة (الحكمة) في كل تركيب.
فشهادة ثمرات كل ما سبق تلفت الأنظار. وهكذا ان لم يكن هناك حياة أخرى وسعادة خالدة، فماذا يعنى هذا النظام الرصين؟ انه سيبقى مجرد صورة ضعيفة باهتة واهية، وسيكون نظاماً كاذباً دون أساس، وستذهب المعنويات والروابط والنسب - التي هي روح ذلك النظام والتناسق البديع - هباءً منثوراً..
أي أن الحياة الأخرى والسعادة الابدية هي التي جعلت هذا (النظام) نظاماً فعلاً واعطت له معنىً، لذا فنظام العالم هذا يشير الى تلك السعادة الابدية وحياة الخلود.
المدار الثاني:
ان في خلق الكائنات تتضح حكمة جليّة. نعم، ان الحكمة الإلهية التي ترمز الى عنايته الأزلية واضحة وضـوحاً تاماً؛ فــرعاية مصالح كــل كائن، والتــزام الفوائد والحِكَم فيها ظاهرة جلية في الجميع، وهي تعلن - بلسان حالها - ان السعادة الأبدية موجودة؛ ذلك إن لم تكن هناك حياة أخرى أبدية فيجب أن ننكر - مكابرين ومعاندين